قال الفقيه الإِمام رضي الله عنه: يتعلق بهذا الفصل سؤالان. منهما أن يقال:
1 - ما الدليل على اشتراط الذكررية؟.
2 - وما الدليل على اشتراط الحرية؟.
فالجواب عن السؤال الأول: أن يقال: أما سقوط الجمعة عن النساء فإذا
قلنا إن قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة}
خطاب ورد بصيغة التذكير ولا يدخل النساء في خطاب ورد بصيغة التذكير، لم
يكن علينا دليل في إسقاط الجمعة عنهن؛ لأن الأصل عدم التكليف. وإن قلنا
بأنهن يدخلن في مثل هذا الخطاب قلنا روى طارق بن شهاب قال: قال
النبي - صلى الله عليه وسلم -: الجمعة حق على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبدأومملوكًا
وامرأة وصبيًاومريضًا [1]. وهذا وإن كان خبر واحد فالتخصيص لعموم القرآن
بخبر واحد فيه خلاف بين أهل الأصول. فإن قلنا بالتخصيص به استقل الخبر (2)
دليلأوإن لم نقل بالتخصيص به استدللنا بالإجماع على أن لا جمعة عليهن.
وهذا الحديث فيه دلالة على ما ذكره القاضي أبو محمَّد من اعتبار البلوغ لقوله:
البلوغ مع أن الصبي قد اشتهر في وضع الشرع سقوط التكليف عنه وعن
المجنون. ولهذا لم نفردهما بالسؤال.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: جمهور العلماء وفقهاء الأمصار
على سقوط الجمعة عن العبد. وقال داود بوجوبها عليه. وقال ابن حنبل في
أحد قوليه وأضاف هذا القول الشيخ أبو الحسن اللخمي إلى المذهب وتعلق
بقول ابن شعبان في مختصره: المشهور من قول مالك أنها غير واجبة. وبقوله
أيضًا على من قدر من العبيد على إتيان الجمعة أن يأتيها، يلزمون ذلك ويقامون
إليها من حوانيت ساداتهم. وفي موطي. ابن وهب سئل مالك عن العبيد هل
عليهم جمعة؟ فقال أما من قدر عليها منهم فنعم. وقال رحمه الله إن قول ابن [1] أخرجه أبو داود والدارقطني والبيهقي والحاكم. الهداية ج 3 ص 254
(2) الخبر = ساقطة -و-.