قلوبهم ثم ليكونين من الغافلين* [1]. فظاهر قوله ها هنا أقوام، إشارة إلى طائفة معينة. ويمكن أن يكونوا المنافقين. وفي النسائي قال - صلى الله عليه وسلم -: الرواح حق على كل محتلم [2]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونًا طبع الله على قلبه [3].
هكذا أخرجه الترمذي وخرّجه النسائي من غير ضروة. وروى جابر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: توبوا إلى الله قبل تموتوا وبادروا إليه بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلَوا وصِلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا وفي يومي هذا في شهري هذا من عامي هذا إلى يوم القيامة. فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافًا بها أو جحودًا لها فلا جمع الله له شمله ولا بارك له في أمره. ألا ولا صلاة له، ولا زكاة له، ولا حج له، ولا صوم له، ولا برّ له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه. إلاَّ لا تَؤمن امرأة رجلًا، ولا يؤم أعرابي مهاجرًا، ولا يؤم فاجر مؤمنًا إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وسوطه [4]. فأنت ترى هذا التغليظ والتشديد منه - صلى الله عليه وسلم - في تركها وتهديده بما هدد به من الختم على القلب. وهذا من أعظم الأدلة على الوجوب. فإن قيل التهديد بالختم على القلب مقيد بتركها ثلاث مرات وأنتم توجبونها كل جمعة ولا تسقطون الوجوب في مرة ولا مرتين. قيل إن الواجب يتساوى كله في تعليق الإثم بتركه واستحقاق العقاب في الإخلال به، ولكن وإن تساوى في استحقاق العقاب على الجملة. فمقادير العقاب تتفاوت بتفاوت الأجرام [5]. فتارك الجمعة مرة واحدة يستحق العقاب كما يستحقه تاركها ثلاثًا. ولكن الاثم في الثلاث أكثر من الاثم في الواحدة. فإن كان تاركها ثلاثًا أعظم جرمًا وأكثر إثمًا [1] رواه مسلم والدرامي والبيهقي عن معاوية بن سلام. الهداية ج 3 ص254 [2] لفظ النسائي: رواح الجمعة واجب على كل محتلم. شرح السيوطي. ج 3 ص 89. [3] رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم عن أبي الجعد. فيض القديرج 6 ص 102. [4] نص الحديث فيه هو كثير في - و. وضبطناه بلفظه من سنن ابن ماجة ج 1ص343 الحديث رقم 1081. [5] الجمعة -و-.