وعزم على السفر بعد أن بلغ تلك المدة أو لم يبلغها. فقد اختلف المذهب فيه. فرأى ابن حبيب أنه ينتقل إلى حكم القصر برجوعه إلى نية السفر ويستأنف القصر حينئذ. ورأى سحنون أنه لا يقصر حتى يظعن من موضعه.
فوجه قول ابن حبيب أنه كان على حكم السفر وإنما رجع عنه بنية المقام، فإذا نوى المسافر السفر رجع بمجرد النية إلى حكم الأصل، وتكون النية عاملة بمجردها في غير موضع الاستيطان، وإنما تفتقر إلى مقارنة العمل في موضع الاستيطان.
ووجه ما قاله سحنون القياس على نية السفر في القرار والوطن. وعلى هذا يجري الأمر فيمن نوى دخول وطنه في أثناء سفره ثم انثنى رأيه عن دخوله، فهل يكون حكمه القصر في موضع تبدل نيته أو حين [1] يرحل عنه، فإنه جار على الاختلاف الذي ذكرناه إذا كان في ذلك المنهل على حكم المقيم ثم تبدلت نيته.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: إذا نوى المسافر في أثناء صلاته الإقامة، فإن كان لم يعقد ركعة فيستحب أن يجعلها نافلة، فإن لم يفعل وتمادى على إحرامه وصلّى أربعأ أجزته صلاته قاله مالك. وقد ذكر ابن حبيب أنه يتمادى على إحرامه فيصلي أربعاً. وكأنه رأى أن نية السفر والحضر لا تختلف بدلالة صحة صلاة المقيم خلف المسافر. وإذا لم تختلف، وكان الاختلاف في العدد لا يؤثر، بني على إحرامه. وإن كان قد عقد ركعة فقال مالك في المدونة يشفعها بأخرى ويسلم وتكون نافلة. وذكر ابن حبيب أنه تجزيه صلاته إذا أضاف إليها أخرى، وكأنه رأى أن بعقد ركعة صارت صلاة السفر حاصلة لا تؤثر في حكمها النية. وقالت الشافعية: إذا نوى الإقامة في أثناء الصلاة انقطع سفره ولزمه الإتمام ولزم من خلفه متابعته [2] وكانهم رأوا أنها صلاة واحدة لا تختلف إلا من جهة العدد، فيصح إكمال الأربع بعد الافتتاح على اثنتين. ولو كان ناوي الإقامة بعد ركعة عقدها وقد يضيق الوقت كمسافر نسي العصر حتى بقي من [1] حتى -و-. [2] ساقطة -و-.