لا يستعمل في مقادير الثواب إلا أن يرد من الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفظ يقوم مقام العموم حتى يشتمل على ما يتنازع فيه من ذلك. ويستعمل القياس فيه في العمليات لتقدم بعضها على بعض في العمل. وهذه إشارة يَفهم منها ما وراءها من خاض في علم الأصول وعلم أحكام القياس وحيث يجوز. وإذا ثبت أن له أن يصلي النافلة جالسًا فله أن يقوم ليأتي بالركوع على إكماله وله أن يومئ به جالسًا. فاما قيامه ليركع فلما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قام بعد جلوسه فقرأ وركع [1]. وأما ركوعه جالسًا فلأنا لو منعناه منه لكنّا أوجبنا القيام في النافلة وقدمنا أنه لا وإذا ثبت أن له الجلوس فإنما يكون ذلك إذا افتتح النافلة عليه. فأما لو افتتحها قائمًا ثم أحب أن يجلس ففيه قولان: أجازه ابن القاسم ومنعه أشهب.
وكان بعض أشياخي يرى أن الاختلاف إنما يحسن فيمن افتتح قائما ونوى القيام في جميعها غير ملتزم له. فأما من التزمه فإنه لا يختلف في أنه لا يجلس. كما لا يُختلف فيمن افتتحها قائمًا ونيته أن يجلس، أن الجلوس يجوز له. وأما من افتتحها جالسًا فلا شك أن له أن يقوم لأنه ينتقل إلى ما هو أفضل. وقد صلى - صلى الله عليه وسلم - جالسًا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين آية [2]. فإن قيل ظاهر هذا حجة لابن القاسم في إجازته القعود بعد القيام لكون هذا الخبر مبنيًا [3] على أنه يرجع إلى القعود بعد أن قام. قيل: قال بعض المتأخرين يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينوي ذلك عند افتتاح نافلته.
وقد قدمت قول بعض أشياخي إن الخلاف لا يتصور فيمن نوى عند الافتتاح الجلوس بعد القيام.
والجواب عن السؤال التاسع: أن يقال: أما الإيماء في النافلة فقال ابن القاسم لا يومئ الجالس للسجود إلا من علة. فإن أومأ من غير علة في [1] أخرجه مسلم. إكمال الإكمال ج 2 ص 372. [2] رواه البخاري ومسلم والبيهقي. السنن ج 2 ص 490. [3] لكن هذا الخبر يبنى - قث.