يخطب وجرى بينهما ما جرى ولم يأمره بالركوع [1].
وأما أصحاب الشافعي فإنهم يحتجون بعموم الأمر بتحية المسجد وبأن رجلًا جماء والشعبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة فقال: أصليت يا فلان؟ قال لا. قال: قم فاركع [2]. وبغير ذلك مما سنبسطه إذا أعدنا الكلام على المسألة في باب صلاة الجمعة، وحينئذٍ نتكلم على تأويل كل طائفة أحاديث الطائفة الأخرى.
وأما قوله عطفًا على الركوع في الخطبة وحال شروعه في الصلاة فقد تقدم الكلام عليه لما ذكرنا حكم من أقيمت عليه الصلاة وهو في المسجد فصلى النافلة. وبالجملة فإن التنفل والإمام يصلي داخل في عموم النهي عن صلاتين معًا.
والجواب عن السؤال الخامس: أن يقال: أما قوله وغير ذلك فإنه إشارة إلى أحوال أخر سنبسط الكلام عليها في مواضعها كالآتي مُصلّى العيد فإنه لا يركع قبل صلاة العيد ولو كانت صلاة العيد في الجامع. فعن مالك في إجازة تحية الجامع روايتان. وكذلك التنفل بعد صلاة الجمعة سنتكلم عليه في موضعه. وقد تقدم الكلام على أن من عليه صلاة منسية فإنه لا يشتغل عن قضائها بالتنفل. فإلى هذه المعاني أشار القاضي أبو محمَّد رحمه الله بقوله وغير ذلك.
والجواب عن السؤال السادس: أن يقال: اختلف الناس في عدد التنفل فعندنا أنه مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين سواء كان التنفل، ليلًا أو نهارًا. وقالت الشافعية بما قلنا إلا أنها أجازت ما سواه كالتنفل بركعة وبثلاث وبأربع وبما زاد على ذلك وترًا كان أو شفعًا معدودًا كان أو غير معدود، يخرج عن جميع ذلك كله بتسليمة واحدة. وذهب أبو حنيفة إلى التفرقة بين نافلة الليل والنهار فقال في نافلة النهار: الأفضل أربع والجائز ركعتان، وفي نافلة الليل الأفضل أربع والجائز ركعتان وست وثمان ولا يزيد على ذلك. ومن الناس من ذهب إلى أن [1] رواه مسلم: إكمال الأكمال ج 3 ص 413. ورواه الترمذي. العارضة ج 2 ص 280. [2] متفق عليه والأربحة والطحاوي: نصب الراية ج 2 ص 203.