يصح. وقد أشرنا في الكلام على من اغتسل للجنابة، والجمعة معًا إلى هذا.
والجواب على السؤال الخامس: أن يقال: أما افتتاح غسل الجنابة بالطهارة الصغرى فقد ورد به الخبر، أنه فعله عليه السلام [1]. وقد اختلف النقل عنه هل أكمل وضوءه أو أخر غسل رجليه إلى فراغه؟ فروت عائشة أنه توضأ كما يتوضأ للصلاة [2].
وأشارت بهذا التقييد إلى خلاف الرواية الأخرى. ولهذا أشار القاضي أبو محمَّد بالتقييد الذي قيد [3]؛ لأنه التقييد الذي قيدت به عائشة رضي الله عنها ليشعر بذلك أن المختار رواية عائشة. وقد روى ابن زياد عن مالك ليس العمل على تأخير غسل الرجلين. وإن كان قد روي عنه في المبسوط: واسع أن يؤخر ذلك حتى يفرغ من غسله. أخذا منه بحديث ميمونة [4] أنه أخر غسل رجليه. ولأنه لما افتتح الطهارة الكبرى بغسل وجهه، وهو أول عضو من الطهارة الصغرى، ختمها بغسل رجليه وهو آخر عضو من الطهارة الصغرى، لتحصل الكبرى متابعة لأعضاء الوضوء، وحاصلة بين أثنائها. ومقتضى الرواية الأولى أنه يأتي بالوضوء على ما هو عليه، ثم بعد ذلك يستأنف تخليل اللحية وشعر الرأس. لأن التخليل ليس من خصائص الوضوء. وقد قال ابن زياد عنه: لو أخر غسل رجليه لأعاد الوضوء عند فراغه من غسله. وهذا مراعاة لما قلناه من الإتيان به على وجهه، والتحفظ على الموالاة فيه. ومقتضى الرواية الثانية التي سامح فيها بتأخير غسل الرجلين، أنه إذا غسل وجهه خلل أصول شعر لحيته ثم يغسل لحيته. ثم يغسل يديه. ثم يخلل شعر رأسه. هكذا ذكر بعض شيوخنا. لأنه لما [1] أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما - نيل الأوطار ج 1 ص 286/ 289. [2] أخرجه البخاري - الفتح ج 1 ص 376. [3] قصد -ح-. [4] رواه أحمد عن ميمونة رضي الله عنها وفي ختام وصفها لغسله أنه أفاض الماء على سائر جسده ثم تنحى فغسل رجليه. الفتح الرباني ج 2 ص 129. ورواه البخاري قالت: توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه وغسل فرجه وما أصابه من الأذى ثم أفاض عليه الماء ثم نحى رجليه فغسلهما. الفتح ج 1 ص 376.