إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيض عليك الماء فإذا أنت قد طهرت [1]. فأخبرها بما يكفي وهو إفاضة الماء وذلك يحصل دون إمرار اليد. ثم أكد ذلك بقوله فإذا أنت قد طهرت. فإن قيل فإن لم تبلغ يداه لموضع من جسده ما حكم ذلك الموضع؟ قيل إذا لم يمكنه أن يتلطف في ذلك باستعمال ثوب وشبهه، أو استنابة يد غيره فإن ذلك ساقط عنه ولا يخاطب في ذلك بما لا يقدر عليه. لأن ذلك من تكليف ما لا يطاق. وذلك مرفوع ها هنا. فإن قيل إذا كان من شرط صحة الغسل عند الجمهور منكم مرور اليد. ومتى لم يمر لم بسم غاسلًا، فيجب أن لا يكتفي بهذا الغسل المبعض بل ينتقل للتيمم. قيل ذا غلط لأنا قدمنا أن الغسل عند أكثر فقهاء الأمصار لا يشترط فيه مرور اليد مع الاختيار والقدرة. فكيف بهذا *مع الضرورة والعجز؟ مع أن الشرع ورد بالمسح على الجبيرة لمشقة وصول الماء إليها. وإن كان ممكنًا وصوله [2] * فكيف بهذا الذي هو فوق المسح، ومرور اليد فيه خارج عما يمكن؟ ولو قطع بعض الجسد لم يتغير الحكم في غسل بقية الجسد. فكذلك ما تعذر ها هنا لا يتغير به الحكم في بقية الجسد. وإن كان يمكنه التلطف في ذلك بتطلب من ينوب عنه فهل عليه تطلبه؟ ظاهر المذهب أنه على ثلاثة أقوال: أحدها أن ذلك عليه لأنه شرط في صحة الطهارة فلا يسامح بإهماله، والاقتصار على ما دونه مع القدرة على تحصيل الشرط، كما على المكلف أن يتطلب الماء ولا ينتقل إلى التراب حتى ييأس. والثاني ليس عليه تطلب ذلك لأن تطلب ذلك يشق، وتكليفه [3] من الحرج. والحرج مرفوع. ولا يصح قياسه على تطلب الماء لأن التطهر بالتراب مع القدرة على الماء لا يصح. وترك التدليك مع القدرة عليه تصح معه الطهارة عند جمهور فقهاء الأمصار. فسهل الأمر فيه. والثالث: [1] إنما يكفيك أن تحثي على رأسك الماء ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فإذا أنت قد طهرت. طرف من حديث. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم.
الهداية ج 2 ص 11. [2] ما بين القوسين ساقط من -ح-. [3] تكليف -ح-.