سئل عن الرجل يجد البلل ولا يذكر الاحتلام فقال يغتسل [1]. ولأن الغالب أن الماء لا يخرج من النائم إلا بشهوة، وإن خفيت عنه عند يقظته، لغمرة النوم له. وقيل لا غسل عليه لأنه ماء يخرج بغير لذة، وما كان كذلك لا يوجب غسلًا على ما نبينه فيما بعد.
ولو شك في هذا الماء هل هو مني أو مذي، فإن المذهب على قولين: أحدهما أنه يغتسل احتياطًا [2] ولأن الشك في الحدث يجري مجرى التيقن [3] على هذه الطريقة. والثاني لا يجب عليه أن يغتسل لأن الأصل براءة الذمة، والشك في الحدث لا يؤثر على هذه الطريقة. فإن قلنا بالطريقة [4] الأولى وهي إثبات الغسل فهل عليه أن يضيف لذلك الوضوء؟ المشهور عنهم أنه يستغني بالغسل عن الوضوء لأن من أجنب تيقنًا [5] يسقط عنه فرض الوضوء ويستغني بالغسل. فمن شك هل أجنب أم لا، فأمرناه بالغسل، فإنه يكتفي به أيضًا. وقد رأيت بعض المخالفين ذهب إلى أنه لا بد أن يضيف إلى غسله وضوءًا. وعندي أنه قد يتخرج ذلك على قول من ذهب من أصحابنا إلى وجوب الترتيب في الوضوء. لأن غسل الجنابة لا ترتيب فيه. والوضوء يجب ترتيبه عند هذه الطائفة على ما أشرنا إليه فيما تقدم. فإذا أمكن أن يكون ما وجده [6] مذيًا، فالواجب منه الوضوء لأجل الشك فيه، كما أمروه بالغسل لأجل الشك به أيضًا. فإذا اغتسل غسلًا لم يحصل معه ترتيب أعضاء الوضوء بقي مطالبًا بالوضوء الواجب لأجل الشك. فوجب عليه لأجل ذلك الأمران.
والجواب عن السؤال الثاني: أن يقال: أمَّا المني إذا خرج بغير لذة، [1] البيهقي عن القاسم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يرى في المنام البلل ولا يذكر احتلامًا. قال: يغتسل. وإن رأى أنه احتلم ولم ير بللًا فلا غسل عليه. السنن ج 1 ص 167. [2] لان -و-ق-. [3] اليقين -و-ح-ق-. [4] الطريقة -ح-. [5] يقينًا -و-ق-. [6] أن يكون وجد -و-.