فحجة من استحب رفع اليدين في التكبيرات ما روي أن ابن عمر [1] رضي الله عنه كان يرفع يديه في صلاة الجنازة والفطر والأضحى. ولأنها تكبيرات لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود فأشبهت تكبيرة الافتتاح. واحتج من لم يستحب رفع اليدين بأنها تكبيرات في أثناء الصلاة فلم يستحب فيها رفع اليدين كسائر التكبيرات. وقال مالك في المختصر ليس بين التكبير صمت إلا قدر ما يكبّر الناس. وقال ابن حبيب يقف بين كل تكبيرتين هنيهة قدر ما يكبّر الناس. وليس بين التكبير دعاء. وقول ابن حبيب: وليس بين التكبير دعاء إشارة إلى ما في ذلك من الخلاف. فقد قالت الشافعية يستحب أن *يقف بين كل تكبيرتين قدر آية لا طويلة ولا قصيرة ويأتي بذكر. فمنهم من يقول* [2] سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ومنهم من يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قالوا ولو قال ما اعتاده الناس الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا [3] وصلّى الله على سيدنا محمَّد، وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا. وقال عطاء يقف ما بين كل تكبيرتين ساعة يدعو الله ويذكره في نفسه، ولأجل هذا الخلاف كله أشار ابن حبيب بقوله: وليس بين التكبير دعاء.
وأما أبو حنيفة فإنه قال: يأتي بالتكبيرات متواليات. وقد احتج أصحاب
الشافعي بما روي عن ابن مسعود، أنه قال: وقد سأله الوليد بن عقبة يقول: الله أكبر، ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على نبيه - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: ولأنها تكبيرات متكررة في حال القيام، فتخللها ذكر كتكبيرات الجنازة. واحتج من نفى الدعاء بأنه لو كان بينهما دعاء مسنون لنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كالذكر في الركوع والسجود، وأجابهم الآخرون بأن قالوا: قد نقله ابن مسعود.
وأيضًا فإنه إنما لم ينقل لأنه يخفى بخلاف المكتوبات، فلهذا لم ينقل النقلَ الذي أشرفم إليه. وقالت الشافعية على أصلهم في إثبات دعاء الافتتاح إذا كبّر [1] عمر -و-. [2] ما بين النجمين هو -و-. [3] وسبحان الله وصلّى الله ... -و-.