اسم الکتاب : شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني المؤلف : الزُّرقاني، عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 120
طهر ارتفع عنه الحدث بانفراده والصحيح ما صدر به واستشكل كل من القولين اللذين بنيا عليهما فالأول وهو أنه لا يرتفع إلا بكمال الطهارة بلزوم عدم تأثير الحدث في أثنائها لأنه إذا لم تحصل فلا معنى لنقضها فإذا توضأ ثم بال بعد غسل الرجل اليمنى لم يلزمه غير غسل اليسرى وذلك باطل ولم يجب عنه وقد يجاب بأن معناه لا يتحقق رفعه إلا بكمالها فالرفع حاصل قبل كمالها ولكن لم يتحقق إذ يحتمل زواله بالحدث قبل الكمال واستشكل ابن العربي الثاني بلزوم جواز مس المصحف لمن غسل وجهه ويديه فقط في الوضوء وهو خلاف الإجماع وأجاب ابن عرفة بأنه لا يلزم إذ إنما يعرف أن كل عضو طهر بانفراده بتمام الطهارة فإتمامها كاشف بأن العضو قد طهر ولا يمس المصحف قبل تبين المكاشف قال بعض حذاق تلامذته لا يخفى عليك ما في هذا الجواب من التكلف ثم هو غير سديد لأن القائل بذلك يرى أن العضو بنفس الفراغ منه طهر بدون انتظار شيء ولذا أجروا عليه صحة تفريق النية على الأعضاء أي على ما استظهره ابن رشد من قول ابن القاسم وإن كان ضعيفًا كما مر واحتجوا له بحديث إذا توضأ العبد فغسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه الحديث لأن خروج الخطايا إنما يكون بعد طهارته في نفسه دون نظر إلى شيء وعلى كلامه يلزم أن لا تخرج خطايا الوجه إلا بتمام وضوئه وأبين من جوابه أن المشترط في مس المصحف ليس طهارة العضو بل طهارة الشخص لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79)} [الواقعة: 79] فالعضو قد طهر بالفراغ منه ولا يمس المصحف حتى يطهر الشخص وبنحو هذا الجواب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رشد لم يستظهر في مسألة التفريق شيئًا أصلًا ولم يتكلم عليها وإنما استظهر قول ابن القاسم يرفع الحدث عن كل عضو بانفراده ولما بنى ابن الحاجب الأجزاء في التفريق على هذا القول الذي استظهره ابن رشد نسب له المصنف الاستظهار في التفريق وهو غير ظاهر إذ قد لا يسلم ابن رشد التفريع المذكور لجواز أن يقول إن رفع الحدث عن كل عضو بانفراده مشروط عنده بتقدم نية الوضوء بتمامه ونص ابن الحاجب لو فرق النية على الأعضاء فقولان بناء على رفع الحدث عن كل عضو أو بالإكمال اهـ.
قال في ضيح فإن غسل الوجه ففي قول يرتفع حدثه وفي قول لا يرتفع حدثه إلا بعد غسل الرجلين قال في البيان والأول قول ابن القاسم في سماع عيسى عنه والثاني لسحنون قال والأول أظهر انظر تمامه والله تعالى أعلم وقول ز وقد يجاب بأن معناه لا يتحقق الرفع إلا بعد كمالها الخ هذا الجواب فيه نظر لأن فيه رجوعًا إلى القول الثاني فتأمله والظاهر في الجواب أن الحدث من موانع الوضوء فوقوعه في أثنائه يمنع صحة ما فعل قبله وإن لم يرتفع الحدث ولا يسمى حينئذ ناقضًا وقول ز لأن خروج الخطايا إنما يكون بعد طهارته في نفسه الخ فيه نظر وقد رد في التوضيح الاحتجاج بهذا الحديث فقال تمنع ارتفاع الخطايا بارتفاع الحدث بل لأجل الغسل لأن الغسل فعله فيجازى عليه وأما رفع الحدث فليس من فعله اهـ.
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني المؤلف : الزُّرقاني، عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 120