responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 197
وَكَمَا أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ يَتَقَلَّبُ فِيهَا، فَمَنْ عَاشَ عَلَى تَحْقِيقِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا فَرُوحُهُ تَتَقَلَّبُ فِي جَنَّةِ الْمَأْوَى وَعَيْشُهُ وَأَطْيَبُ عَيْشٍ قَالَ: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [سُورَةُ النَّازِعَاتِ: 40 - 41] .
فَالْجَنَّةُ مَأْوَاهُ يَوْمَ اللِّقَاءِ.
وَجَنَّةُ الْمَعْرِفَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْأُنْسِ بِاللَّهِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ وَالْفَرَحِ بِهِ وَالرِّضَا بِهِ، وَعَنْهُ مَأْوَى رُوحِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ الْجَنَّةُ مَأْوَاهُ هَاهُنَا، كَانَتْ جَنَّةُ الْخُلْدِ مَأْوَاهُ يَوْمَ الْمِيعَادِ، وَمَنْ حُرِمَ هَذِهِ الْجَنَّةَ فَهُوَ لِتِلْكَ الْجَنَّةِ أَشَدُّ حِرْمَانًا، وَالْأَبْرَارُ فِي النَّعِيمِ وَإِنِ اشْتَدَّ بِهِمُ الْعَيْشَ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا، وَالْفُجَّارُ فِي جَحِيمٍ وَإِنِ اتَّسَعَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [سُورَةُ النَّحْلِ: 97] وَطِيبُ الْحَيَاةِ جَنَّةُ الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 125] .
فَأَيُّ نَعِيمٍ أَطْيَبُ مِنْ شَرْحِ الصَّدْرِ؟ وَأَيُّ عَذَابٍ أَمَرُّ مِنْ ضِيقِ الصَّدْرِ؟
وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سُورَةُ يُونُسَ: 62 - 64] فَالْمُؤْمِنُ الْمُخْلِصُ لِلَّهِ مِنْ أَطْيَبِ النَّاسِ عَيْشًا، وَأَنْعَمِهِمْ بَالًا، وَأَشْرَحِهِمْ صَدْرًا، وَأَسَرِّهِمْ قَلْبًا، وَهَذِهِ جَنَّةٌ عَاجِلَةٌ قَبْلَ الْجَنَّةِ الْآجِلَةِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالُوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ» .
وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» .
وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ وَقَدْ سَأَلُوهُ عَنْ وِصَالِهِ فِي الصَّوْمِ: «إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» .
فَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنَ الْغِذَاءِ عِنْدَ رَبِّهِ يَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ

اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست