responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 168
الْبَائِسُ أُسْقِطَ فِي يَدِهِ، وَعَادَ إِلَى أَشَدَّ مِمَّا كَانَ بِهِ، وَبَدَتْ عَلَيْهِ عَلَائِمُ، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي تِلْكَ الْحَالِ:
يَا سَلْمُ يَا رَاحَةَ الْعَلِيلِ ... وَيَا شِفَا الْمُدْنَفِ النَّحِيلِ
رِضَاكِ أَشْهَى إِلَى فُؤَادِي ... مِنْ رَحْمَةِ الْخَالِقِ الْجَلِيلِ
فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ اتَّقِ اللَّهَ، قَالَ: قَدْ كَانَ، فَقُمْتُ عَنْهُ، فَمَا جَاوَزْتُ بَابَ دَارِهِ حَتَّى سَمِعْتُ صَيْحَةَ الْمَوْتِ، فَعِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ سُوءِ الْعَاقِبَةِ، وَشُؤْمِ الْخَاتِمَةِ.

[فَصْلٌ عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ]
فَصْلٌ
عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ
وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ اللِّوَاطِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ؛ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ: هَلْ هُوَ أَغْلَظُ عُقُوبَةً مِنَ الزِّنَى، أَوِ الزِّنَى أَغْلَظُ عُقُوبَةً مِنْهُ، أَوْ عُقُوبَتُهُمَا سَوَاءٌ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَخَالِدُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ - وَالشَّافِعِيُّ - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ - إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ أَغْلَظُ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَى، وَعُقُوبَتُهُ الْقَتْلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ.
وَذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ - فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ -، وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ - فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْهُ -، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ وَعُقُوبَةَ الزَّانِي سَوَاءٌ.
وَذَهَبَ الْحَاكِمُ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ عُقُوبَتَهُ دُونَ عُقُوبَةِ الزَّانِي، وَهِيَ التَّعْزِيرُ.
قَالُوا: لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ مِنَ الْمَعَاصِي لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ حَدًّا مُقَدَّرًا، فَكَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ، كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لَا تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَلْ رَكَّبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ حَتَّى الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدٌّ كَوَطْءِ الْأَتَانِ وَغَيْرِهَا.
قَالُوا: وَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى زَانِيًا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا، فَلَا يَدْخُلُ فِي النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى حَدِّ الزَّانِينَ.

اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 168
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست