responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 152
بَلْ إِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنَعَ وَبَخِلَ، وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزِعَ، إِلَّا مَنِ اسْتَثْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ النَّاجِينَ مِنْ خَلْقِهِ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [سُورَةُ الْمَعَارِجِ: 29 - 31] .
فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَضِّ أَبْصَارِهِمْ، وَحِفْظِ فُرُوجِهِمْ، وَأَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ مُشَاهِدٌ لِأَعْمَالِهِمْ، مُطَّلِعٌ عَلَيْهَا، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 19] .
وَلَمَّا كَانَ مَبْدَأُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ جُعِلَ الْأَمْرُ بِغَضِّهِ مُقَدَّمًا عَلَى حِفْظِ الْفَرْجِ، فَإِنَّ الْحَوَادِثَ مَبْدَؤُهَا مِنَ الْبَصَرِ، كَمَا أَنَّ مُعْظَمَ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ، فَتَكُونُ نَظْرَةٌ، ثُمَّ تَكُونُ خَطْرَةٌ، ثُمَّ خُطْوَةٌ، ثُمَّ خَطِيئَةٌ.
وَلِهَذَا قِيلَ: مَنْ حَفِظَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ أَحْرَزَ دِينَهُ: اللَّحَظَاتِ، وَالْخَطَرَاتِ، وَاللَّفَظَاتِ، وَالْخُطُوَاتِ.
فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ بَوَّابَ نَفْسِهِ عَلَى هَذِهِ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ، وَيُلَازِمَ الرِّبَاطَ عَلَى ثُغُورِهَا، فَمِنْهَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، فَيَجُوسُ خِلَالَ الدِّيَارِ وَيُتَبِّرُ مَا عَلَا تَتْبِيرًا.

[فَصْلٌ مَدْخَلُ الْمَعَاصِي النَّظْرَةُ]
فَصْلٌ
مَدْخَلُ الْمَعَاصِي
وَأَكْثَرُ مَا تَدْخُلُ الْمَعَاصِي عَلَى الْعَبْدِ مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ الْأَرْبَعَةِ، فَنَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا فَصْلًا يَلِيقُ بِهِ.
النَّظْرَةُ
فَأَمَّا اللَّحَظَاتُ: فَهِيَ رَائِدُ الشَّهْوَةِ وَرَسُولُهَا، وَحِفْظُهَا أَصْلُ حِفْظِ الْفَرْجِ، فَمَنْ أَطْلَقَ بَصَرَهُ أَوْرَدَ نَفْسَهُ مَوَارِدَ الْمُهْلِكَاتِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْأُخْرَى» .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ، فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ لِلَّهِ، أَوْرَثَ اللَّهُ قَلْبَهُ حَلَاوَةً إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ.

اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 152
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست