responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 125
وَهَذَا الْقِسْمُ أَكْثَرُ ذُنُوبِ الْخَلْقِ لِعَجْزِهِمْ عَنِ الذُّنُوبِ السَّبُعِيَّةِ وَالْمَلَكِيَّةِ، وَمِنْهُ يَدْخُلُونَ إِلَى سَائِرِ الْأَقْسَامِ، فَهُوَ يَجُرُّهُمْ إِلَيْهَا بِالزِّمَامِ، فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ إِلَى الذُّنُوبِ السَّبُعِيَّةِ، ثُمَّ إِلَى الشَّيْطَانِيَّةِ، ثُمَّ مُنَازَعَةِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالشِّرْكِ فِي الْوَحْدَانِيَّةِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا حَقَّ التَّأَمُّلِ، تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الذُّنُوبَ دِهْلِيزُ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَمُنَازَعَةِ اللَّهِ رُبُوبِيَّتَهُ.

[فَصْلٌ الذُّنُوبُ كَبَائِرُ وَصَغَائِرُ]
فَصْلٌ
الذُّنُوبُ كَبَائِرُ وَصَغَائِرُ
وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ وَالْأَئِمَّةِ، عَلَى أَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 31] .
وَقَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [سُورَةُ النَّجْمِ: 32] .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» .
وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ الْمُكَفِّرَةُ لَهَا ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ:
إِحْدَاهَا: أَنْ تَقْصُرَ عَنْ تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ لِضَعْفِهَا وَضَعْفِ الْإِخْلَاصِ فِيهَا وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا، بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاءِ الضَّعِيفِ الَّذِي يَنْقُصُ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدَّاءِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً.
الثَّانِيَةُ: أَنْ تُقَاوِمَ الصَّغَائِرَ وَلَا تَرْتَقِيَ إِلَى تَكْفِيرِ شَيْءٍ مِنَ الْكَبَائِرِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ تَقْوَى عَلَى تَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ وَتَبْقَى فِيهَا قُوَّةٌ تُكَفَّرُ بِهَا بَعْضُ الْكَبَائِرِ.
فَتَأَمَّلْ هَذَا فَإِنَّهُ يُزِيلُ عَنْكَ إِشْكَالَاتٍ كَثِيرَةً.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ: «أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَهَا:

اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست