responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 113
دُفِعَتْ بِهِ مَفْسَدَتُهُ إِبَانَةُ الْعُضْوِ الَّذِي يَتَسَلَّطُ بِهِ عَلَى الْجِنَايَةِ، وَجُعِلَ الْجَلْدُ بِإِزَاءِ إِفْسَادِ الْعُقُولِ وَتَمْزِيقِ الْأَعْرَاضِ بِالْقَذْفِ.
فَدَارَتْ عُقُوبَاتُهُ سُبْحَانَهُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، كَمَا دَارَتِ الْكَفَّارَاتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْعِتْقِ، وَهُوَ أَعْلَاهَا، وَالْإِطْعَامِ، وَالصِّيَامِ.
أَقْسَامُ الذُّنُوبِ
ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الذُّنُوبَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمًا فِيهِ الْحَدُّ، فَهَذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ كَفَّارَةً اكْتِفَاءً بِالْحَدِّ.
وَقِسْمًا لَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهِ حَدًّا، فَشَرَعَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ، كَالْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَالْوَطْءِ فِي الْإِحْرَامِ، وَالظِّهَارِ، وَقَتْلِ الْخَطَأِ، وَالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقِسْمًا لَمْ يُرَتِّبْ عَلَيْهِ حَدًّا وَلَا كَفَّارَةً، وَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ الْوَازِعُ عَنْهُ طَبِيعِيًّا، كَأَكْلِ الْعَذِرَةِ، وَشُرْبِ الْبَوْلِ وَالدَّمِ.
وَالثَّانِي: مَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ أَدْنَى مِنْ مَفْسَدَةِ مَا رُتِّبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، كَالنَّظَرِ وَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالْمُحَادَثَةِ، وَسَرِقَةِ فِلْسٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
الْكَفَّارَاتُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ
وَشَرَعَ الْكَفَّارَاتِ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: مَا كَانَ مُبَاحَ الْأَصْلِ، ثُمَّ عَرَضَ تَحْرِيمُهُ فَبَاشَرَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي عَرَضَ فِيهَا التَّحْرِيمُ، كَالْوَطْءِ فِي الْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ، وَطَرْدُهُ: الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، بِخِلَافِ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَلِهَذَا كَانَ إِلْحَاقُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَهُ بِالْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّلَوُّطِ، وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا عُقِدَ لِلَّهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ بِاللَّهِ مِنْ يَمِينٍ، أَوْ حَرَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَرَادَ حِلَّهُ، فَشَرَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ حِلَّهُ بِالْكَفَّارَةِ وَسَمَّاهَا نِحْلَةً، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ مَاحِيَةً لِهَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ بِالْحِنْثِ، كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، فَإِنَّ الْحِنْثَ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا، وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا، وَإِنَّمَا الْكَفَّارَةُ حِلٌّ لِمَا عَقَدَهُ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا تَكُونُ فِيهِ جَابِرَةً لِمَا فَاتَ، كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إِثْمٌ، وَكَفَّارَةِ قَتْلِ الصَّيْدِ خَطَأً، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْجَوَابِرِ، وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ مِنْ بَابِ الزَّوَاجِرِ، وَالنَّوْعُ الْوَسَطُ مِنْ بَابِ التَّحِلَّةِ لِمَا مِنْهُ الْعَقْدُ.

اسم الکتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست