responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 91
قال أبو بكر بن المنذر: ولا بأس بزيارة القبور، ويستغفر للميت، ويرقّ قلب الزائر، ويذكر الآخرة، فهذا الذي سنّه الرسول لأمته بقوله وفعله في موتى المسلمين، وأما هو نفسه فلقبره حكم آخر، فإن قبور المؤمنين ظاهرة بارزة وهو دفن في حجرته، ومنع الناس من الوصول إلى قبره، وقال: «لا تتخذوا قبري عيدا، وصلّوا عليّ حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني». وكذلك قال في السلام. وقال: «إن لله ملائكة سيّاحين يبلغوني عن أمتي السلام». وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتدّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
ولهذا لم يصلّ أحد على قبره ولا شرع الصلاة على قبره عند أحد من العلماء، بل أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد أنه يصلّى على قبور المؤمنين دائما، وأما هو فلا يصلّى على قبره بالإجماع؛ لأن المقصود بالصلاة على القبور وزيارتها هو الدعاء، والرسول قد أمرنا بالصلاة والسلام عليه وطلب الوسيلة له، وغير ذلك في جميع المواضع، وهذا أعظم مما يفعل عند قبر غيره، وأمر الناس أن تكون محبته وتعظيمه وما يقوم بقلوبهم معهم أينما كانوا، فلا ينقص ما يستحقه من المحبة والتعظيم والصلاة والتسليم إذا كانوا في سائر المواضع، عما يفعل في بيته وعند قبره من ذلك، ولهذا نهى عن اتخاذ بيته عيدا، وفي لفظ: قبره. فلا يخصّ بيته وقبره بشيء من ذلك، فيكون في سائر البقاع ناقصا عما يكون عند القبر، فإن ذلك يتضمن نقص حقّه وبخسه إياه، وهذا من تنقيص حقه المنهي عنه. والجهّال يظنون أن النهي عنه تنقيص لحقه، ولا يعلمون أن هذا أعظم لقدره ولحقه من وجوه متعددة.
وأيضا فهذا فيه مفسدة اتخاذ قبره عيدا ووثنا ومسجدا، فنهى صلى الله عليه وسلّم عنه لما فيه من المفسدة وعدم المصلحة، فهو صلى الله عليه وسلّم له خاصة في علو قدره وحقه لا يشركه فيها غيره؛ الزيارة التي شرعها لعموم المؤمنين، وهو إنما خاف أن يتخذ قبره وثنا وعيدا؛ بخلاف قبور عموم المؤمنين، لكن ما عظّم من القبور حتى صار وثنا وعيدا فإنه ينهى عن ذلك ويزال ما حصل به، حتى إنه يحرم أن يبنى عليه مسجد [1].

[الفرق بين الزيارة الشرعية وبين الزيارة البدعية]
والمقصود: أن ما سنّه لأمته نوع غير النوع الذي يقصده أهل البدع؛ من السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين، فإنهم لا يسافرون لأجل ما شرع من الدعاء لهم والاستغفار، بل لأجل دعائهم والدعاء بهم، والاستشفاع بهم، فيتخذون قبورهم مساجد وأوثانا وعيدا يجتمعون فيه.

[1] وانظر في ذلك كتاب «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد» لمحدّث الدنيا العلامة محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله تعالى- طبع المكتب الإسلامي بيروت.
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست