responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 29
بهذا أو بهذا أو بهذا، وإن كان عالما بذلك كله، مع هذا ليس قصده إلا السفر إلى القبر كما يسافر إلى قبر من يعظمه من الصالحين وغيرهم، والسفر إلى المسجد ليس له عنده حرمة ولا يعتقد فضيلته ولا يقصد السفر إليه مع علمه أن الرسول صلى الله عليه وسلّم رغّب في ذلك وبين فضل مسجده. فهذا لا يكون إلا كافرا بالرسول، ومثل هذا يقع من المشركين الذين يرون قصد القبور المعظّمة أولى من قصد المساجد، والحج إليها أفضل من الحج إلى مكة، ودعاء الخلق أفضل من دعاء الخالق، والدعاء عندها أفضل من الدعاء في المساجد والمشاعر. ومنهم من يجعل استقبالها في الصلاة أولى من استقبال الكعبة ويقول: هذه القبلة الخاصة والكعبة قبلة العامة.
ومعلوم أن هذا من الكفر بالرسول وبما جاء به الرسول، ومن الشرك بربّ العالمين، لا يفعل هذا من يعلم أن الرسول جاء بخلافه وأن الرسول جاء بالحق الذي لا يسوغ خلافه، بل إنما يفعل هذا من كان جاهلا بسنة الرسول، أو من يجعل له طريقا إلى الله غير متابعة الرّسول، مثل من يجعل الرسول مبعوثا إلى العامة وأنه أو شيخه من الخاصة الذين لا يحتاجون إلى متابعة الرسول، أو أن لهم طريقا أفضل من طريقة الرسول ونحو ذلك! وهؤلاء كلهم كفار، وإن عظّموا قبر الرسول كما يعظمون قبور شيوخهم، ومنهم من يجعل قبر شيخه أعظم من قبر الرسول، ومنهم من يجعل قبر الرسول أعظم ولكن يعظم أصحاب القبور من جهة أنه يعبدهم ليقربوه إلى الله زلفى، لا يعظم الرسول من جهة أنه رسول الله الذي أوجب على جميع الخلق اتباعه وطاعته وسلوك سبيله واتباع ما جاء به، وهذا نعت المؤمن به، والمؤمنون به لا يعرضون عن قصد السفر إلى مسجده مع علمهم أنهم يصلّون إلى مسجده إلا بجهلهم بسنته. فإذا عرفوها دعاهم الإيمان به إلى متابعته صلى الله عليه وسلّم تسليما. والمجيب إنما ذكر النزاع في السفر لمجرد زيارة القبور، فلم يدخل في هذا السفر إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو المراد بالسفر لزيارة قبره، فهل يمكن هذا المعترض أن يحكي عن إمام من أئمة المسلمين أنه قال: يستحب السفر لمجرد زيارة القبور، أو أنه يستحب السفر إلى زيارة قبره بدون الصلاة في مسجده، أو بدون دخوله، هل قال هذا أحد؟
أو أنه يستحبّ السفر إلى القبر دون قصد المسجد؟ مع أنه إنما يصل إلى المسجد، والسفر إليه مستحب بالنص والإجماع والصلاة فيه مفضلة، فهل قال مسلم إن هذا المستحب بالنص والإجماع مع فعل الإنسان له إذا لم يقصده البتة، وإنما قصد مجرد القبر يكون هذا السفر مستحبا بنص أو إجماع، أو هل قال ذلك إمام من أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة في الدين؟ وإن لم يكن هنا نصّ ولا إجماع.
وهل يترك قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه مع كونه يعلم أنه إنما يصل إلى مسجده إلا من هو جاهل بدينه أو كافر بما جاء به؟ فإن هذا ليس عليه في النية كلفة

اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست