responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 24
يستحب السفر لزيارة قبره كما هو موجود في كلام كثير منهم، فإنهم يذكرون الحج ويقولون يستحب للحاج أن يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلّم.
ومعلوم أن هذا إنما يمكن مع السفر، لم يريدوا بذلك زيارة القريب، بل أرادوا زيارة البعيد، فعلم أنهم قالوا يستحب السفر إلى زيارة قبره؛ لكن مرادهم بذلك هو السفر إلى مسجده، إذ كان المصلون والزوار لا يصلون إلا إلى مسجده لا يصل أحد إلى قبره ولا يدخل إلى حجرته.
ولكن قد يقال: هذا في الحقيقة ليس زيارة لقبره، ولهذا كره من كره من العلماء أن يقال زرت قبره، ومنهم من لم يكرهه. والطائفتان متّفقون على أنه لا يزار قبره كما تزار القبور بل إنما يدخل إلى مسجده. وأيضا فالنية في السفر إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة. فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهذا مشروع بالنص والإجماع، وإن كان لم يقصد إلا القبر، لم يقصد المسجد فهذا مورد النزاع، فمالك والأكثرون يحرمون هذا السفر، وكثير من الذين يحرمونه لا يجوّزون قصر الصلاة فيه. وآخرون يجعلونه سفرا جائزا وإن كان غير مستحب ولا واجب بالنذر.
وأما من كان قصده السفر إلى مسجده وقبره معا فهذا قد قصد مستحبا مشروعا بالإجماع، وهذا لم يكن في الجواب تعرض لهذا والجواب في السؤال كان عمن سافر لا يقصد إلا زيارة القبور لا يقصد سفرا شرعيا كالسفر إلى مكة وإلى مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلّم والمسجد الأقصى. ولم يكن السؤال ولا الجواب عمّن سافر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلّم، وإن قصد مع ذلك السفر إلى قبره، فإن هذا لم تجمع العلماء على أنه سفر غير مستحب، بل أصحاب أحمد لهم في- المسافر إلى القبور هل يقصر الصلاة- أربعة أوجه: قيل: يقصر مطلقا، وقيل: لا يقصر مطلقا، وقيل: لا يقصر إلا إلى قبر نبينا صلى الله عليه وسلّم، وقيل: إلى قبور الأنبياء مطلقا.
فهذان الوجهان من لم يعرفهما تخبّط في هذه المسائل، فيعرف العمل الممكن المشروع والقصد في ذلك ليظهر له الفرق بين الرسول وبين غيره من جهة الفعل والقصد، فإن السفر المسمى زيارة له إنما هو سفر إلى مسجده.
وقد ثبت بالنص والإجماع أن المسافر ينبغي له أن يقصد السفر إلى مسجده والصلاة فيه، وعلى هذا قد يقال: نهيه عن شد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة لا يتناول شدها إلى قبره، فإن ذلك غير ممكن، فلم يبق إلا شدها إلى مسجده، وذلك مشروع بخلاف غيره، فإنه يمكن زيارته فيمكن شد الرحل إليه، لكن يبقى قصد المسافر ونيته ومسمى الزيارة في لغته، هل قصده مجرد القبر أو المسجد أو كلاهما؟
كما قال مالك لمن سأله عمن نذر أن يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلّم؟ فقال: إن كان أراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلّم فليأته وليصلّ فيه، وإن كان أراد القبر فلا يفعل، للحديث الذي جاء:

اسم الکتاب : الإخنائية أو الرد على الإخنائي - ت زهوي المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست