responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 398
وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ} [1].
وَلِهَذَا قَطَعَ يَدَ السَّارِقِ وَشَرَعَ قَطْعَ يَدِ الْمُحَارِبِ وَرِجْلِهِ؛ وَشَرَعَ الْقِصَاصَ فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَبْشَارِ، فَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ مِنْ جِنْسِ الْمَعْصِيَةِ كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمَشْرُوعُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مِثْلَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ إنَّهُ أَمَرَ بِإِرْكَابِهِ دَابَّةً مَقْلُوبًا وَتَسْوِيدِ وَجْهِهِ [2]؛ فَإِنَّهُ لَمَّا قَلَبَ الْحَدِيثَ قَلَبَ وَجْهَهُ وَلَمَّا سَوَّدَ وَجْهَهُ بِالْكَذِبِ سَوَّدَ وَجْهَهُ. وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي تَعْزِيرِ شَاهِدِ الزُّورِ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ.
وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً} (72) سورة الإسراء.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) [طه/124 - 126]}. وَفِي الْحَدِيثِ: «يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِى صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِى جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةِ الْخَبَالِ» [3].

[1] - سنن الترمذى برقم (3029) عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِى حَسَّانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ فَنَظِّفُوا أُرَاهُ قَالَ أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ. قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ فَقَالَ حَدَّثَنِيهِ عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ. وهو حديث واه
وفي الْكُنَى وَالْأَسْمَاءُ لِلدُّولَابِيِّ >> بَابُ حَرْفِ الطَّاءِ >> برقم (867) عَنْ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، جَوَّادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ , طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوَا بِالْيَهُودِ تَجْمَعُ الْأَكْبَاءَ فِي دُورِهَا " وفيه أَبُو الطَّيِّبِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ متهم
[2] - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلْبَيْهقِيّ برقم (18833) عَنْ مَكْحُولٍ , وَعَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " ضَرَبَ شَاهِدَ الزُّورِ أَرْبَعِينَ سَوْطًا , وَسَخَمَ وَجْهَهُ , وَطَافَ بِهِ بِالْمَدِينَةِ " وهو صحيح مرسل
وبرقم (18834) , عَنْ مَكْحُولٍ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ فِي كُورِ الشَّامِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ: " أَنْ يُجْلَدَ أَرْبَعِينَ , وَيُحْلَقَ رَأْسُهُ , وَيُسْخَمَ وَجْهُهُ , وَيُطَافَ بِهِ , وَيُطَالَ حَبْسُهُ ". هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ ضَعِيفَتَانِ وَمُنْقَطِعَتَانِ قلت: هذا حديث حسن مرسل
الموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 9329) و (ج 2 / ص 9334) و (ج 2 / ص 9329) و (ج 2 / ص 9334)
وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - (ج 14 / ص 405) وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق - (ج 12 / ص 366) وفتح القدير - (ج 17 / ص 317) ودرر الحكام شرح غرر الأحكام - (ج 8 / ص 303) وتبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام - (ج 5 / ص 319) والفقه الإسلامي وأدلته - (ج 7 / ص 522) وموسوعة الأسرة المسلمة الشاملة - (ج 3 / ص 16) والمجموع شرح المهذب - (ج 20 / ص 124) ومطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى - (ج 18 / ص 226) والسياسة الشرعية - (ج 1 / ص 104)
[3] - سنن الترمذى برقم (2680) وهو حديث حسن
وفي تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 284)
حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم -: (يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ) عَلَى الْمَجَازِ. قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْحَقِيقَةِ. أَيْ أَذِلَّاءَ مُهَانِينَ يَطَؤُهُمْ النَّاسُ بِأَرْجُلِهِمْ وَإِنَّمَا مَنَعَنَا عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِهِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الْأَجْسَادَ تُعَادُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ حَتَّى إِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ غُرْلًا يُعَادُ مِنْهُمْ مَا اِنْفَصَلَ عَنْهُمْ مِنْ الْقُلْفَةِ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ). قَالَ الْأَشْرَفُ: إِنَّمَا قَالَ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَمْثَالَ الذَّرِّ قَطْعًا مِنْهُ: حَمَلَ قَوْلَهُ أَمْثَالَ الذَّرِّ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَدَفْعًا لِوَهْمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُتَكَبِّرَ لَا يُحْشَرُ فِي صُورَةِ الْإِنْسَانِ وَتَحْقِيقًا لِإِعَادَةِ الْأَجْسَادِ الْمَعْدُومَةِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ. وَقَالَ الْمُظَهَّرُ: يَعْنِي صُوَرُهُمْ صُوَرُ الْإِنْسَانِ وَجُثَّتُهُمْ كَجُثَّةِ الذَّرِّ فِي الصِّغَرِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: لَفْظُ الْحَدِيثِ يُسَاعِدُ هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْثَالَ الذَّرِّ تَشْبِيهٌ لَهُمْ بِالذَّرِّ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَجْهِ الشَّبَهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الشَّبَهِ الصِّغَرَ فِي الْجُثَّةِ وَأَنْ يَكُونَ الْحَقَارَةَ وَالصِّغَارَ فَقَوْلُهُ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ وَدَفْعُ وَهْمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ خِلَافَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (إِنَّ الْأَجْسَادَ تُعَادُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ) فَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لَا تُعَادَ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ الْأَصْلِيَّةُ فِي مِثْلِ الذَّرِّ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَيْهِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ وَعَلَى هَذِهِ الْحَقَارَةِ مَلْزُومُ هَذَا التَّرْكِيبِ فَلَا يُنَافِي إِرَادَةَ الْجُثَّةِ مَعَ الْحَقَارَةِ.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ هُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجْسَادَ تُعَادُ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْزَاءِ حَتَّى إِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ غُرْلًا. قَالَ الْقَارِي: التَّحْقِيقُ أَنَّ اللَّهَ يُعِيدُهُمْ عِنْدَ إِخْرَاجِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ عَلَى أَكْمَلِ صُوَرِهِمْ وَجَمْعِ أَجْزَائِهِمْ الْمَعْدُومَةِ تَحْقِيقًا لِوَصْفِ الْإِعَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ فِي مَوْقِفِ الْجَزَاءِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إِهَانَةً وَتَذْلِيلًا لَهُمْ، جَزَاءً وِفَاقًا، أَوْ يَتَصَاغَرُونَ مِنْ الْهَيْبَةِ الْإِلَهِيَّةِ عِنْدَ مَجِيئِهِمْ إِلَى مَوْضِعِ الْحِسَابِ وَظُهُورِ أَثَرِ الْعُقُوبَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الَّتِي لَوْ وُضِعَتْ عَلَى الْجِبَالِ لَصَارَتْ هَبَاءً مَنْثُورًا اِنْتَهَى.
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 398
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست