responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 311
فِي السِّلْعَةِ غِشًّا أَوْ عَيْبًا فَهُوَ كَمَا لَوْ وَصَفَهَا بِصِفَةِ وَتَبَيَّنَتْ بِخِلَافِهَا فَقَدْ يَرْضَى وَقَدْ لَا يَرْضَى فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا فَسَخَ الْبَيْعَ.
وَفَى الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: " «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» [1].
وَفِي السُّنَنِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ عَضُدٌ مِنْ نَخْلٍ فِى حَائِطِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ قَالَ وَمَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ قَالَ فَكَانَ سَمُرَةُ يَدْخُلُ إِلَى نَخْلِهِ فَيَتَأَذَّى بِهِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَطَلَبَ إِلَيْهِ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى. قَالَ «فَهَبْهُ لَهُ وَلَكَ كَذَا وَكَذَا». أَمْرًا رَغَّبَهُ فِيهِ فَأَبَى فَقَالَ «أَنْتَ مُضَارٌّ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلأَنْصَارِىِّ «اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ» [2].
فَهُنَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا أَنْ يَبِيعَهَا؛ فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْبَيْعِ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي وَأَيْنَ حَاجَةُ هَذَا مِنْ حَاجَةِ عُمُومِ النَّاسِ إلَى الطَّعَامِ؟ وَنَظِيرُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتْجُرُونَ فِي الطَّعَامِ بِالطَّحْنِ وَالْخُبْزِ. وَنَظِيرُ هَؤُلَاءِ صَاحِبُ الْخَانِ والقيسارية وَالْحَمَّامُ إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ وَهُوَ إنَّمَا ضَمِنَهَا لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ إدْخَالِ النَّاسِ إلَّا بِمَا شَاءَ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَأُلْزِمَ بِبَذْلِ ذَلِكَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ كَمَا يُلْزَمُ الَّذِي يَشْتَرِي الْحِنْطَةَ وَيَطْحَنُهَا لِيَتَّجِرَ فِيهَا وَاَلَّذِي يَشْتَرِي الدَّقِيقَ وَيَخْبِزُهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَى مَا عِنْدَهُ؛ بَلْ إلْزَامُهُ بِبَيْعِ ذَلِكَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْلَى وَأَحْرَى، بَلْ إذَا امْتَنَعَ مِنْ صَنْعَةِ الْخُبْزِ وَالطَّحْنِ حَتَّى يَتَضَرَّرَ النَّاسُ بِذَلِكَ أُلْزِمَ بِصَنْعَتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا كَانَتْ حَاجَةُ النَّاسِ تَنْدَفِعُ إذَا عَمِلُوا مَا يَكْفِي النَّاسَ بِحَيْثُ يَشْتَرِي إذْ ذَاكَ بِالثَّمَنِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَسْعِيرٍ.

[1] - صحيح البخارى برقم (2110) ومسلم برقم (3937)
وفي فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 431)
قَوْله: (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا) أَيْ صَدَقَ الْبَائِعُ فِي إِخْبَارِ الْمُشْتَرَى مَثَلًا وَبَيَّنَ الْعَيْبَ إِنْ كَانَ فِي السِّلْعَة، وَصَدَقَ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَثَلًا وَبَيَّنَ الْعَيْب إِنْ كَانَ فِي الثَّمَن، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا تَأْكِيدٌ لِلْآخَرِ.
قَوْله: (مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ شُؤْمَ التَّدْلِيس وَالْكَذِب وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْعَقْد فَمَحَقَ بَرَكَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ مَأْجُورًا وَالْكَاذِبُ مَأْزُورًا. وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّدْلِيسُ، وَالْعَيْبُ دُونَ الْآخَرِ، وَرَجَّحَهُ اِبْن أَبِي جَمْرَة. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الصِّدْقِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ وَذَمُّ الْكَذِبِ وَالْحَثُّ عَلَى مَنْعِهِ، وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِذَهَابِ الْبَرَكَةِ، وَأَنَّ عَمَل الْآخِرَةِ يُحَصِّلُ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
[2] - سنن أبى داود برقم (3638) وفيه ضعف
شرح النيل وشفاء العليل - إباضية - (ج 26 / ص 195) وشرح مختصر خليل للخرشي - (ج 19 / ص 208) ومنح الجليل شرح مختصر خليل - (ج 15 / ص 188) والمجموع شرح المهذب - (ج 13 / ص 42) والطرق الحكمية - (ج 1 / ص 357) وشرح ميارة - (ج 4 / ص 2)
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست