مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
الجدید
القدیم
جميع المجموعات
المؤلفین
كتب الألباني
كتب ابن تيمية
كتب ابن القيم
كتب ابن أبي الدنيا
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
اسم الکتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
المؤلف :
ابن تيمية
الجزء :
1
صفحة :
304
وَثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - {أَنَّهُ نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ}
[1]
، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لاَ يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِى جِدَارِهِ». ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا لِى أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ
[2]
.
وَإِيجَابُ بَذْلِ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ مَذْهَبُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ
.
وَلَوْ احْتَاجَ إلَى إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِصَاحِبِ الْأَرْضِ: فَهَلْ يُجْبَرُ؟
عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد وَالْأَخْبَارُ بِذَلِكَ مَأْثُورَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ للمانع: وَاَللَّهِ لَنُجْرِيَنَّهَا وَلَوْ عَلَى بَطْنِك
[3]
. وَمَذْهَبُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّ زَكَاةَ الْحُلِيِّ
[1]
- صحيح البخارى برقم (2284) وأبو داو د برقم (3431)
وفي عون المعبود - (ج 7 / ص 419)
(عَنْ عَسْب الْفَحْل): أَيْ عَنْ كِرَاء ضِرَابه وَأُجْرَة مَائِهِ، نَهَى عَنْهُ لِلْغَرَرِ لِأَنَّ الْفَحْل قَدْ يَضْرِب وَقَدْ لَا يَضْرِب وَقَدْ لَا يُلَقِّح الْأُنْثَى، وَبِهِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى تَحْرِيمه. وَأَمَّا الْإِعَارَة فَمَنْدُوب ثُمَّ لَوْ أَكْرَمه الْمُسْتَعِير بِشَيْءٍ جَازَ قَبُول كَرَامَته. قَالَ فِي النِّهَايَة: وَلَمْ يَنْهَ عَنْ وَاحِد مِنْهُمَا وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّهْي عَنْ الْكِرَاء الَّذِي يُؤْخَذ عَلَيْهِ فَإِنَّ إِعَارَة الْفَحْل مَنْدُوب إِلَيْهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث " وَمِنْ حَقّهَا إِطْرَاق فَحْلهَا " وَوَجْه الْحَدِيث أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاء عَسْبِ الْفَحْل فَحَذَفَ الْمُضَاف وَهُوَ كَثِير فِي الْكَلَام، وَقِيلَ يُقَال لِكِرَاءِ الْفَحْل عَسْب وَعَسَبَ الْفَحْل يَعْسِبهُ أَيْ أَكْرَاهُ وَعَسَبْت الرَّجُلَ إِذَا أَعْطَيْته كِرَاء ضِرَاب فَحْله فَلَا يَحْتَاج إِلَى حَذْف مُضَاف، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِلْجَهَالَةِ الَّتِي فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي الْإِجَارَة مِنْ تَعْيِين الْعَمَل وَمَعْرِفَة مِقْدَاره.
[2]
- صحيح البخارى برقم (2463) ومسلم برقم (4215)
وفي شرح النووي على مسلم - (ج 5 / ص 488)
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث، هَلْ هُوَ عَلَى النَّدْب إِلَى تَمْكِين الْجَار مِنْ وَضْع الْخَشَب عَلَى جِدَار جَاره؟ أَمْ عَلَى الْإِيجَاب؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ وَأَصْحَاب مَالِك: أَصَحّهمَا فِي الْمَذْهَبَيْنِ: النَّدْب، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ. وَالثَّانِي: الْإِيجَاب، وَبِهِ قَالَ أَحْمَد وَأَبُو ثَوْر وَأَصْحَاب الْحَدِيث، وَهُوَ ظَاهِر الْحَدِيث. وَمَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ قَالَ: ظَاهِر الْحَدِيث أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا عَنْ الْعَمَل، فَلِهَذَا قَالَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟ وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْهُ النَّدْب لَا الْإِيجَاب، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا أَطْبَقُوا عَلَى الْإِعْرَاض عَنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَم.
[3]
- موطأ مالك برقم (1437) عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعُرَيْضِ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فِى أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ. فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ لِمَ تَمْنَعُنِى وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا وَلاَ يَضُرُّكَ. فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّىَ سَبِيلَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ لاَ. فَقَالَ عُمَرُ لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ تَسْقِى بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا وَهُوَ لاَ يَضُرُّكَ. فَقَالَ مُحَمَّدٌ لاَ وَاللَّهِ. فَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ. فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ. وهو صحيح مرسل
وفي المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 43)
1236 - (ش): قَوْلُهُ إِنَّ الضَّحَّاكَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ وَهُوَ الْمَاءُ يَخْتَلِجُ مِنْ شَقِّ النَّهْرِ وَالْعَرِيضُ مَوْضِعٌ، أَوْ نَهْرٌ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ وَكَانَ بَيْنَ الْخَلِيجِ وَأَرْضِ الضَّحَّاكِ أَرْضٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُمِرَّهُ فِيهِ فَمَنَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ بِأَنْ قَالَ لَهُ لِمَ تَمْنَعُنِي وَلَك مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّك يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ الضَّحَّاكُ أَنْ يُمِرَّهُ فِي أَرْضِهِ بِهَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ بِهِ مَتَى شَاءَ وَمِثْلُ هَذَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ شُرْبِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا مَجْهُولٌ وَقَدْ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا أَرْضَ حَائِطٍ لَهُ وَتُرَابَهُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَهُ الرَّجُلُ بِطُوبِهِ وَنَفَقَتِهِ فَإِذَا تَمَّ الْجِدَارُ حَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ مَا شَاءَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَا مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعْلُومٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ مَا يَمُرُّ فِي أَرْضِك مِنْ الْمِيَاهِ إِنْ كَانَ مَجْرَى الْمَاءِ مُتَّصِلًا بِأَرْضِهِ فَيَصِلُ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ مَجْرًى عَلَى غَيْرِ أَرْضِ مُحَمَّدٍ فَأَرَادَ الضَّحَّاكُ أَنْ يَجْعَلَ مَجْرَاهُ عَلَى أَرْضِ مُحَمَّدٍ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إِلَى سَقْيِ أَرْضِهِ فَيَكُونَ مُحَمَّدٌ أَحَقَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَعْلَى. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ لَهُ مَاءٌ وَرَاءَ أَرْضٍ وَلَهُ أَرْضٌ دُونَ أَرْضٍ فَأَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي أَرْضٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْخُذْ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَرَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَقَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ كَانَ يُقَالُ يُحْدِثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةً بِقَدْرِ مَا يُحْدِثُونَ مِنْ الْفُجُورِ قَالَ مَالِكٌ وَأَخَذَ بِهَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ فَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلًا فِي زَمَانِنَا هَذَا كَاعْتِدَالِهِ فِي زَمَانِ عُمَرَ رَأَيْت أَنْ يُقْضَى لَهُ بِإِجْرَاءِ مَائِهِ فِي أَرْضِك؛ لِأَنَّك تَشْرَبُ مِنْهُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّك وَلَكِنْ فَسَدَ النَّاسُ وَاسْتَحَقُّوا التُّهَمَ فَأَخَافُ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ وَيَنْسَى مَا كَانَ عَلَيْهِ جَرْيُ هَذَا الْمَاءِ، وَقَدْ يَدَّعِي جَارُك عَلَيْك بِهِ دَعْوَى فِي أَرْضِك، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ نَحْوَهُ وَرَوَى زِيَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ فَلْيَقْضِ عَلَيْهِ بِمُرُورِهِ فِي أَرْضِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ أَشْهَبُ إِنْ كَانَتْ أَرْضُك أُحْيِيَتْ بَعْدَ إحْيَاءِ عَيْنِهِ وَأَرْضِهِ كَانَ لَهُ الْمَمَرُّ فِي أَرْضِك وَأَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِيهَا إِلَى أَرْضِهِ بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُك قَبْلَ عَيْنِهِ وَقَبْلَ أَرْضِهِ فَلَيْسَ فِي أَرْضِك مَمَرٌّ إِلَى عَيْنِهِ وَلَا لِعَيْنِهِ مَمَرٌّ فِي أَرْضِك إِلَى أَرْضِهِ. فَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ فِعْلُ عُمَرَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلِمَالِكٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: الْمُخَالَفَةُ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّتِهِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ لَا يَحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَاللَّبَنُ يَتَجَدَّدُ وَيَخْلُفُهُ غَيْرُهُ وَالْأَرْضُ الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا بِالسَّاقِيَةِ لَا يُعْتَاضُ مِنْهَا. وَالثَّانِي الْمُوَافَقَةُ لَهُ عَلَى وَجْهٍ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مُخَالَفَةَ أَهْلِ زَمَنِ مَالِكٍ لِأَهْلِ زَمَنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحُكْمِ إنَّمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَأَنَّ أَهْلَ زَمَنِهِ قَوِيَتْ فِيهِمْ التُّهْمَةُ بِاسْتِحْلَالِ مَا لَمْ يَكُنْ يَسْتَحِلُّهُ أَهْلُ زَمَنِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأَنَّ حُكْمَ ابْنِ الْخَطَّابِ تَمَثَّلَ فِي الْأَزْمِنَةِ الَّتِي يَعُمُّ أَهْلُهَا وَيَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاحُ وَالدِّينُ وَالتَّحَرُّجُ عَمَّا لَا يَحِلُّ وَأَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي يَعُمُّ أَهْلُهُ أَوْ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ اسْتِحْلَالُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِغَيْرِ الْحَقِّ لَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ فِيهِمْ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطُولُ الْأَمْرُ فَيَدَّعِي صَاحِبُ الْمَاءِ الْمَمَرَّ فِي أَرْضِ مَنْ قُضِيَ لَهُ بِإِمْرَارِهِ فِي أَرْضِهِ فَيَدَّعِي مِلْكَ رَقَبَةِ الْمَمَرِّ وَيَدَّعِي فِيهَا حُقُوقًا فَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَضَى لَهُ بِهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهَا ابْنُ كِنَانَةَ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَرْضُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ إنَّمَا صَارَتْ إِلَيْهِ بِأَنْ أَحْيَاهَا بَعْدَ أَنْ أَحْيَا الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ أَرْضَهُ وَمَلَكَ مَاءَهُ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: الْأَخْذُ بِقَوْلِ عُمَرَ وَحَمْلُهُ عَلَى إطْلَاقِ لَفْظِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيِّ حَكَاهَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ وَالضِّرَارُ إدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْجَارِ دُونَ مَنْفَعَةٍ لِمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الضَّرَرَ وَأَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَالِكٍ أَنَّهُ رَوَى حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُهُ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَلَيْسَ كَمَا أَنْكَرَ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ مِمَّنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَ عَلَى مَنْعِهِ ذَلِكَ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ لَمَا أَقْسَمَ عَلَى مَنْعِهِ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّنَا ذَكَرْنَا وُجُوهًا مِنْ مُوَافَقَةِ مَالِكٍ لِعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَإِنَّمَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَمَّا أَقْسَمَ تَحَكُّمًا عَلَيْهِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى الْأَفْضَلِ فَقَدْ يُقْسِمُ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فِي مَالِهِ تَحَكُّمًا عَلَيْهِ وَثِقَةً بِأَنَّهُ لَا يُحْنِثُهُ فَيَبِرُّ بِقَسَمِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ قَدْ أَقْسَمَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَفَّرَ هُوَ عَنْ يَمِينِهِ إكْرَامًا لَهُ وَإِيجَابًا لَا سِيَّمَا إِذَا دَعَاهُ إِلَى أَمْرٍ هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا ذَهَبَ هُوَ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) وَقَوْلُ عُمَرَ لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَاَللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ، وَلَوْ عَلَى بَطْنِك دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ دُونَ الْأَلْفَاظِ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ عُمَرَ لَا يَسْتَجِيزُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ عَلَى بَطْنِ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ كَانَ يَمِينُهُ عَلَى مَعْنَى التَّحَكُّمِ عَلَيْهِ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا يَسْمَحُ بِمِثْلِ هَذَا وَلَا يُتَحَكَّمُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ، وَلَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُخَالِفُ حُكْمِي عَلَيْك بِمَا أَرَى أَنَّهُ الْحَقُّ وَحَارَبْتَ وَأَدَّتْ الْمُحَارَبَةُ إِلَى مَالِكٍ وَإِجْرَائِهِ عَلَى بَطْنِك لَفَعَلْتُ ذَلِكَ فِي نُصْرَةِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
اسم الکتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
المؤلف :
ابن تيمية
الجزء :
1
صفحة :
304
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir