responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 281
كَمَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا يَقْصِدُ أَنْ يَبِيعَهُ بِرِبْحِ سَوَاءٌ عَمِلَ فِيهِ عَمَلًا أَوْ لَمْ يَعْمَلْ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ ثِيَابًا أَوْ حَيَوَانًا وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا يَنْقُلُ ذَلِكَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ؛ أَوْ كَانَ مُتَرَبِّصًا بِهِ يَحْبِسُهُ إلَى وَقْتِ النِّفَاقِ؛ أَوْ كَانَ مُدِيرًا يَبِيعُ دَائِمًا وَيَشْتَرِي كَأَهْلِ الْحَوَانِيتِ، فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ زَكَاةُ التُّجَّارِ، وَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا الدَّقِيقَ وَالْخُبْزَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ أُلْزِمُوا كَمَا تَقَدَّمَ؛ أَوْ دَخَلُوا طَوْعًا فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ لِوَاحِدِ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ؛ فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يُسَعَّرُ عَلَيْهِمْ الدَّقِيقُ وَالْحِنْطَةُ؛ فَلَا يَبِيعُوا الْحِنْطَةَ وَالدَّقِيقَ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ يَرْبَحُونَ الرِّبْحَ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ بِهِمْ وَلَا بِالنَّاسِ [1].

[1] - قلت: هذا الكلام يدل على نظرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الواسعة، فهو يتكلم عن صميم الاقتصاد، فالأصل في السوق الاقتصادية الحرية إلا ما حرمه الإسلام، ولكن إذا حدثَ غشٌّ أو احتكارٌ أو استغلالٌ للناس تدخَّلَ وليُّ أمر المسلمين، وسعر المنتجات التي تتعلق بقوت الناس وحاجياتهم، بحث يكون هذا السعر عادلا لا وكس فيه ولا شطط، فلا يحابى التجار على حساب عامة الناس، ولا يحابى الناس على حساب التجار، وهذا هو العدل بأم عينه، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (90) سورة النحل
وبهذا نلاحظ الفارق الكبير بين النظام الإسلامي وبين النظام الرأسمالي الذي يبيح حرية السوق، وبين النظام الاشتراكي الذي يقيدها تقييدا مطلقاً، فالنظام الإقتصادي الإسلامي قائم على العدل والمساواة والرحمة والتعاون والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع الإسلامي
وفي الفقه الإسلامي وأدلته - (ج 7 / ص 19)
خامساً ـ مبدأ تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي للأفراد:
الكلام في تدخل الدولة وحدود هذا التدخل يتضح فيما يأتي:
[1] - رقابة الدولة على أعمال الأفراد:
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (أخرجه أحمد والترمذي وصححه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.) في هذا الحديث دلالة واضحة على أن الدولة مسؤولة عن كل شيء يجري في داخلها. فلها الإشراف على نشاط الأفراد العام، ولها حق التدخل بالمصالح الخاصة لحماية المصالح العامة وكفالة تطبيق وتنفيذ الشريعة، ولها محاسبة الموظفين وأصحاب الولاية والسلطة في نواحي الدولة. ويمكنها أن تحاكمهم على أساس المبدأ القائل: (من أين لك هذا). ليتبين الوجه المشروع لكسب المال. ولقد كان سيدنا عمر رضي الله عنه يحاسب ولاته ويشاطر عماله كما فعل مع عمرو بن العاص عامله على مصر، حينما شك في ماله وكسبه وطريقة إنمائه، وشاطر خالد بن الوليد أمواله، حتى زوجي نعله، وللدولة أن تراقب أرباب الأموال في كيفية استثمار أموالهم، فإذا جنحوا إلى تعطيل استثمار المال، جاز اتخاذ التدابير التي تحمي المصلحة
العامة، فإذا وضع امرؤ يده على أرض موات بقصد إحيائها وتعميرها واستصلاحها وهو ما يعرف بالاحتجار، ثم لم يقم بواجبه جاز سلخها عنه وإعطاؤها لغيره، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له» (1) «ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين» (أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج عن سعيد بن المسيب رحمه الله، ولكنه ضعيف.) لأنه لا بد من مداومة استثمار المال، حتى لا يؤدي الإهمال إلى فقر المال والإضرار بمصالح المجتمع وإفقار الأمة وخسارة الدخل القومي العام وضآلة الإنتاج.
وإذا حاول الناس تركيز استثمار أموالهم في نشاط اقتصادي معين، كان لولي الأمر حق التدخل بما يراه من إجراءات لتوزيع الناس أموالهم بين مختلف مصادر الإنتاج (وهي الأرض والعمل والمال)، وعندئذ تضمن الدولة الحد الأدنى من إنتاج السلع الضرورية، والحد الأعلى الذي لا يجوز التجاوز عنه. وإذا تضخمت الثروة في أيدي فئة قليلة من المواطنين، ثم ثبت عجز أصحابها عن استثمارها، كان للحاكم أن يتدخل في استثمار الأموال أو وضعها تحت ولاية الدولة بما يدرأ الضرر العام عن المجتمع، كإلزامهم باتباع الأساليب الرشيدة في استثمار الأموال، ووضعها تحت ولاية الدولة لضمان تشغيلها بما ينفع البلاد.
2 - إقرار الملكية الجماعية: =
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست