مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
فارسی
دلیل المکتبة
بحث متقدم
مجموع المکاتب
الصفحة الرئیسیة
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
جميع المجموعات
المؤلفین
الجدید
القدیم
جميع المجموعات
المؤلفین
كتب الألباني
كتب ابن تيمية
كتب ابن القيم
كتب ابن أبي الدنيا
جميع المجموعات
المؤلفین
مدرسة الفقاهة
مکتبة مدرسة الفقاهة
قسم التصویري
قسم الکتب لأهل السنة
قسم التصویري (لأهل السنة)
ويکي الفقه
ويکي السؤال
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
اسم الکتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
المؤلف :
ابن تيمية
الجزء :
1
صفحة :
269
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يَسْتَحِقُّ فِي الْفَاسِدَةِ أَضْعَافَ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الصَّحِيحَةِ؟ وَكَذَلِكَ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ ظَنُّوا أَنَّهُمَا إجَارَةٌ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ فَأَبْطَلُوهُمَا، وَبَعْضُهُمْ صَحَّحَ مِنْهُمَا مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ كَالْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ إجَارَتِهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ إجَارَتُهَا، وَجَوَّزُوا مِنْ الْمُزَارَعَةِ مَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ إمَّا مُطْلَقًا وَإِمَّا إذَا كَانَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ بُطْلَانُ الْمُزَارَعَةِ، وَإِنَّمَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ.
وَمَنْ أَعْطَى النَّظَرَ حَقَّهُ عَلِمَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ أَبْعَدُ عَنْ الظُّلْمِ وَالْغَرَرِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ مَضْمُونَةٍ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إنَّمَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِالزَّرْعِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ، فَإِذَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَمَقْصُودُهُ مِنْ الزَّرْعِ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ كَانَ فِي هَذَا حُصُولُ أَحَدِ الْمُعَاوِضَيْنِ عَلَى مَقْصُودِهِ دُونَ الْآخَرِ، فَأَحَدُهُمَا غَانِمٌ وَلَا بُدَّ، وَالْآخَرُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ فَإِنْ حَصَلَ الزَّرْعُ اشْتَرَكَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ اشْتَرَكَا فِي الْحِرْمَانِ، فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِحُصُولِ مَقْصُودِهِ دُونَ الْآخَرِ، فَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَأَبْعَدُ عَنْ الظُّلْمِ وَالْغَرَرِ مِنْ الْإِجَارَةِ.
[الْأَصْلُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ الْعَدْلُ] وَالْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا إنَّمَا هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي بُعِثَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَأُنْزِلَتْ بِهِ الْكُتُبُ، قَالَ - تَعَالَى -: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} وَالشَّارِعُ نَهَى عَنْ الرِّبَا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ، وَعَنْ الْمَيْسِرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ، وَالْقُرْآنُ جَاءَ بِتَحْرِيمِ هَذَا وَهَذَا، وَكِلَاهُمَا أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَمَا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُعَامَلَاتِ - كَبَيْعِ الْغَرَرِ، وَبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَبَيْعِ السِّنِينَ، وَبَيْعِ حَبَلِ الْحُبْلَةِ، وَبَيْعِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُحَاقَلَةِ، وَبَيْعِ الْحَصَاةِ، وَبَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ - هِيَ دَاخِلَةٌ إمَّا فِي الرِّبَا وَإِمَّا فِي الْمَيْسِرِ، فَالْإِجَارَةُ بِالْأُجْرَةِ الْمَجْهُولَةِ مِثْلُ أَنْ يُكْرِيَهُ الدَّارَ بِمَا يَكْسِبُهُ الْمُكْتَرِي فِي حَانُوتِهِ مِنْ الْمَالِ هُوَ مِنْ الْمَيْسِرِ.
وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَيْسِرِ، بَلْ هِيَ مِنْ أَقْوَمِ الْعَدْلِ، وَهُوَ مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُزَارِعُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَكَذَلِكَ عَامَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَاَلَّذِينَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ قَاسُوا ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَقَالُوا: الْمُضَارَبَةُ فِيهَا الْمَالُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ، فَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ فِيهَا مِنْ مَالِكِ الْأَرْضِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ - مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَلِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ - فَهُوَ مِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ يَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهِ، وَيَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ، فَهَذَا نَظِيرُ الْأَرْضِ فِي الْمُزَارَعَةِ.
وَأَمَّا الْبَذْرُ الَّذِي لَا يَعُودُ نَظِيرُهُ إلَى صَاحِبِهِ بَلْ يَذْهَبُ كَمَا يَذْهَبُ نَفْعُ الْأَرْضِ فَإِلْحَاقُهُ بِالنَّفْعِ الذَّاهِبِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْأَصْلِ الْبَاقِي، فَالْعَامِلُ إذَا أَخْرَجَ الْبَذْرَ ذَهَبَ عَمَلُهُ وَبَذْرُهُ، وَرَبُّ الْأَرْضِ يَذْهَبُ نَفْعُ أَرْضِهِ، وَبَدَنُ هَذَا كَأَرْضِ هَذَا، فَمَنْ جَعَلَ الْبَذْرَ كَالْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعِيدَ مِثْلَ هَذَا الْبَذْرِ إلَى صَاحِبِهِ، كَمَا قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ، فَكَيْفَ وَلَوْ اشْتَرَطَ رَبُّ الْبَذْرِ عَوْدَ نَظِيرِهِ لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ؟.
(2) - وفي مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 327)
وَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهِيَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ نَبِيِّهِمْ وَعَهْدِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ وَعَلَيْهَا عَمَلُ آلِ أَبِي بَكْرٍ وَآلِ عُمَرَ وَآلِ عُثْمَانَ وَآلِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بُيُوتِ الْمُهَاجِرِينَ وَهِيَ قَوْلُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَهِيَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ؛ وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه؛ وداود بْنِ عَلِيٍّ؛ وَالْبُخَارِيِّ؛ وَمُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ بْنِ خزيمة؛ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ وَغَيْرِهِمْ وَمَذْهَبِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ؛ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ وَأَبِي يُوسُفَ؛ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ عَالَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةُ حَتَّى أَجْلَاهُمْ عُمَرُ عَنْ خَيْبَرَ وَكَانَ قَدْ شارطهم أَنْ يُعَمِّرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمْ لَا مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْبَذْرَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَامِلِ؛ بَلْ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالُوا: لَا يَكُونُ الْبَذْرُ إلَّا مِنْ الْعَامِلِ. وَاَلَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُخَابَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ قَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِرَبِّ الْأَرْضِ زَرْعَ بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ بَاطِلٌ بِالنَّصِّ وَإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً فَإِنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ؛ وَالْمُشَارَكَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ فَإِذَا جُعِلَ لِأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَدْلًا؛ بَلْ كَانَ ظُلْمًا. وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْمُشَارَكَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَاتِ بِعِوَضِ مَجْهُولٍ؛ فَقَالُوا: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا. ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ الْمُسَاقَاةَ وَالزِّرَاعَةَ وَأَبَاحَ الْمُضَارَبَةَ اسْتِحْبَابًا لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا يُمْكِنُ إجَارَتُهَا كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاحَ الْمُسَاقَاةَ إمَّا مُطْلَقًا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَالْقَدِيمِ لِلشَّافِعِيِّ. أَوْ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ كَالْجَدِيدِ لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ لَا يُمْكِنُ إجَارَتُهَا بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَأَبَاحُوا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ؛ فَأَبَاحُوا الْمُزَارَعَةَ تَبَعًا لِلْمُسَاقَاةِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ أَغْلَبَ. أَوْ قَدَّرُوا ذَلِكَ بِالثُّلُثِ كَقَوْلِ مَالِكٍ. وَأَمَّا جُمْهُورُ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَقَالُوا: هَذَا مِنْ بَابِ الْمُشَارَكَةِ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ الَّتِي يُقْصَدُ فِيهَا الْعَمَلُ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَحْصُلُ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ؛ وَهُمَا مُتَشَارِكَانِ: هَذَا بِبَدَنِهِ وَهَذَا بِمَالِهِ كَالْمُضَارَبَةِ. وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ هَذِهِ الْمُشَارَكَاتِ إذَا فَسَدَتْ وَجَبَ نَصِيبُ الْمِثْلِ لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَيَجِبُ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ النَّمَاءِ إمَّا ثُلُثُهُ وَإِمَّا نِصْفُهُ؛ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ؛ وَلَا يَجِبُ أُجْرَةٌ مُقَدَّرَةٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَسْتَغْرِقُ الْمَالَ وَأَضْعَافَهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي الْفَاسِدِ مِنْ الْعُقُودِ نَظِيرَ مَا يَجِبُ فِي الصَّحِيحِ وَالْوَاجِبُ فِي الصَّحِيحِ لَيْسَ هُوَ أُجْرَةً مُسَمَّاةً؛ بَلْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الرِّبْحِ مُسَمًّى فَيَجِبُ فِي الْفَاسِدَةِ نَظِيرُ ذَلِكَ وَالْمُزَارَعَةُ أَصْلٌ مِنْ الْمُؤَاجَرَةِ وَأَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَالْأُصُولِ؛ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ؛ بِخِلَافِ الْمُؤَاجَرَةِ فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ تُسَلَّمُ لَهُ الْأُجْرَةُ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَدْ يَحْصُلُ لَهُ زَرْعٌ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِي جَوَازِ هَذَا؛ وَجَوَازِ هَذَا. وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُمَا.
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 7 / ص 287)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ لَهُ إقْطَاعٌ مِنْ السُّلْطَانِ فَزَرَعَهَا لِفَلَّاحِ مُشَاطِرَةً: هَلْ يَجُوزُ الْإِشْهَادُ بَيْنَهُمَا؟ أَوْ أَنَّ بَعْضَ الْعُدُولِ امْتَنَعَ مِنْ الْإِشْهَادِ بَيْنَهُمَا. وَهَلْ إذَا اشْتَرَطَ عَلَى الْفَلَّاحِ. مِثْلَ دَجَاجٍ أَوْ خِرَاقٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ سَائِر الْأَصْنَافِ مَعَ رِضَا الْفَلَّاحِ بِذَلِكَ. هَلْ يَجُوزُ؟ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. دَفْعُ الْأَرْضِ الْمِلْكِ وَالْإِقْطَاعِ أَوْ غَيْرِهَا إلَى مَنْ يَعْمَلُ فِيهَا بِشَطْرِ الزَّرْعِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ؛ لَكِنَّ الصَّوَابَ الْمَقْطُوعَ بِهِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إجْمَاعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: آلِ أَبِي بَكْرٍ وَآلِ عُمَرَ وَآلِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَهْدِ نَبِيِّهِمْ. وَالرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا نَهَى عَمَّا إذَا اشْتَرَطَ لِرَبِّ الْمَالِ زَرْعَ بُقْعَةٍ بِعَيْنِهَا؛ بَلْ قَدْ عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعَمِّرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَلِهَذَا كَانَ الصَّوَابُ أَنَّهَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ؛ بَلْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ أَحَلُّ مِنْ دَفْعِ الْأَرْضِ بِالْمُؤَاجَرَةِ؛ فَإِنَّ كِلَاهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالْإِجَارَةُ أَقْرَبُ إلَى الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَالْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْرِي: هَلْ يَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُهُ أَمْ لَا؟ بِخِلَافِ الْمُشَاطَرَةِ؛ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ إنْ أَنْبَتَ اللَّهُ زَرْعًا كَانَ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ كَانَ عَلَيْهِمَا وَمَنْفَعَةُ أَرْضٍ هَذَا كَمَنْفَعَةِ بَذْرٍ هَذَا كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ. وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُشَاطَرَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ لَا دَجَاجَ وَلَا غَيْرَهُ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مِمَّنْ لَا يُجِيزُهَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَالشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا جَرَى؛ لَا سِيَّمَا وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى تَجْوِيزِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
اسم الکتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
المؤلف :
ابن تيمية
الجزء :
1
صفحة :
269
««الصفحة الأولى
«الصفحة السابقة
الجزء :
1
الصفحة التالیة»
الصفحة الأخيرة»»
««اول
«قبلی
الجزء :
1
بعدی»
آخر»»
صيغة PDF
شهادة
الفهرست
إن مکتبة
مدرسة الفقاهة
هي مكتبة مجانية لتوثيق المقالات
www.eShia.ir