responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 237
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعلى هذا فيفترق الادّخار عن الاحتكار في أنّ الاحتكار لا يكون إلاّ فيما يضرّ بالنّاس حبسه، على التّفصيل السّابق، أمّا الادّخار فإنّه يتحقّق فيما يضرّ وما لا يضرّ، وفي الأموال النّقديّة وغيرها.
كما أنّ الادّخار قد يكون مطلوباً في بعض صوره، كادّخار الدّولة حاجيّات الشّعب.
صفة الاحتكار
«حكمه التّكليفيّ»
3 - يتّفق الفقهاء على أنّ الاحتكار بالقيود الّتي اعتبرها كلّ منهم محظور، لما فيه من الإضرار بالنّاس، والتّضييق عليهم.
وقد اختلفت عبارات الفقهاء في التّعبير عن هذا الحظر.
فجمهور الفقهاء صرّحوا بالحرمة، مستدلّين بقوله تعالى «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم» فقد فهم منها صاحب الاختيار أنّها أصل في إفادة التّحريم وقد ذكر القرطبيّ عند تفسير هذه الآية أنّ أبا داود روى عن يعلى بن أميّة أنّ الرّسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «احتكار الطّعام في الحرم إلحاد فيه.
» وهو قول عمر بن الخطّاب.
واستدلّ الكاسانيّ على ذلك بحديث: «المحتكر ملعون» وحديث: «من احتكر طعاماً أربعين ليلةً فقد برئ من اللّه، وبرئ اللّه منه.
» ثمّ قال الكاسانيّ: ومثل هذا الوعيد لا يلحق إلاّ بارتكاب الحرام، ولأنّه ظلم؛ لأنّ ما يباع في المصر فقد تعلّق به حقّ العامّة، فإذا امتنع المشتري عن بيعه عند شدّة حاجتهم إليه فقد منعهم حقّهم، ومنع الحقّ عن المستحقّ ظلم وحرام، يستوي في ذلك قليل المدّة وكثيرها، لتحقّق الظّلم.
4 - كما اعتبره ابن حجر الهيتميّ من الكبائر.
ويقول: إنّ كونه كبيرةً هو ظاهر الأحاديث، من الوعيد الشّديد، كاللّعنة وبراءة ذمّة اللّه ورسوله منه والضّرب بالجذام والإفلاس.
وبعض هذه دليل على الكبيرة وممّا استدلّ به الحنابلة على التّحريم ما روى الأثرم عن أبي أمامة، قال: «نهى رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - أن يحتكر الطّعام»،وما روي بإسناده عن سعيد بن المسيّب أنّ رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من احتكر فهو خاطئ»،وما روي: أنّ عمر بن الخطّاب خرج مع أصحابه، فرأى طعاماً كثيراً قد ألقي على باب مكّة، فقال: ما هذا الطّعام؟ فقالوا: جلب إلينا.
فقال: بارك اللّه فيه وفيمن جلبه.
فقيل له: فإنّه قد احتكر.
قال: من احتكره؟ قالوا: فلان مولى عثمان، وفلان مولاك، فاستدعاهما، وقال: سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من احتكر على المسلمين طعامهم لم يمت حتّى يضربه اللّه بالجذام أو الإفلاس».
5 - لكن أكثر الفقهاء الحنفيّة وبعض الشّافعيّة عبّروا عنه بالكراهة إذا كان يضرّ بالنّاس.
وتصريح الحنفيّة بالكراهة على سبيل الإطلاق ينصرف إلى الكراهة التّحريميّة.
وفاعل المكروه تحريماً عندهم يستحقّ العقاب، كفاعل الحرام، كما أنّ كتب الشّافعيّة الّتي روت عن بعض الأصحاب القول بالكراهة قد قالوا عنه: ليس بشيء.
«الحكمة في تحريم الاحتكار»
6 - يتّفق الفقهاء على أنّ الحكمة في تحريم الاحتكار رفع الضّرر عن عامّة النّاس.
ولذا فقد أجمع العلماء على أنّه لو احتكر إنسان شيئاً، واضطرّ النّاس إليه، ولم يجدوا غيره، أجبر على بيعه - على ما سيأتي بيانه - دفعاً للضّرر عن النّاس، وتعاوناً على حصول العيش.
وهذا ما يستفاد ممّا نقل عن مالك من أنّ رفع الضّرر عن النّاس هو القصد من التّحريم، إذ قال: إن كان ذلك لا يضرّ بالسّوق فلا بأس وهو ما يفيده كلام الجميع.
«ما يجري فيه الاحتكار»
7 - هناك ثلاث اتّجاهات:
الأوّل: ما ذهب إليه أبو حنيفة ومحمّد والشّافعيّة والحنابلة أنّه لا احتكار إلاّ في القوت خاصّةً.
الثّاني: أنّ الاحتكار يجري في كلّ ما يحتاجه النّاس، ويتضرّرون من حبسه، من قوت وإدام ولباس وغير ذلك. =
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 237
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست