responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 174
لِأَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، وَهَؤُلَاءِ يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ عَنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ فَدَعْهُمْ.)) [1].
هذا ونحب أن نؤكد على قضية مهمة وهي أن قياس المصالح والمفاسد يجب أن يكون بمقياس الشرع، لا بمقياس العقول والأهواء، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَقَادِيرِ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ هُوَ بِمِيزَانِ الشَّرِيعَةِ فَمَتَى قَدَرَ الْإِنْسَانُ عَلَى اتِّبَاعِ النُّصُوصِ لَمْ يَعْدِلْ عَنْهَا وَإِلَّا اجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ لِمَعْرِفَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ)) [2].
سادساً: أن لا ينكر العامي إلا في الأمور الجلية الظاهرة التي لا تحتاج إلى اجتهاد:
وفي ذلك يقول النووي -رحمه الله-: ((إِنَّمَا يَأْمُر وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُر بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ؛ وَذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الشَّيْء؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَات الظَّاهِرَة، وَالْمُحَرَّمَات الْمَشْهُورَة كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام وَالزِّنَا وَالْخَمْر وَنَحْوهَا، فَكُلّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاء بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِق الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال وَمِمَّا يَتَعَلَّق بِالِاجْتِهَادِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَل فِيهِ، وَلَا لَهُمْ إِنْكَاره، بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ. ثُمَّ الْعُلَمَاء إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُخْتَلَف فِيهِ فَلَا إِنْكَار فِيهِ لِأَنَّ عَلَى أَحَد الْمَذْهَبَيْنِ كُلّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ. وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْد كَثِيرِينَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرهمْ. وَعَلَى الْمَذْهَب الْآخَر الْمُصِيب وَاحِد وَالْمُخْطِئ غَيْر مُتَعَيَّن لَنَا، وَالْإِثْم مَرْفُوع عَنْهُ، لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَة النَّصِيحَة إِلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف فَهُوَ حَسَن مَحْبُوب مَنْدُوب إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاء مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثّ عَلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف إِذَا لَمْ يَلْزَم مِنْهُ إِخْلَال بِسُنَّةٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَاف آخَر.)) [3].
وإنما اشترط ذلك لأن الجاهل قد يوقعه جهله في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وهو لا يدري، كما أنَّا قد قدمنا أنه يلزمه تقديم الدعوة والبيان، وأنَّى له أن يدعو وأن يبين وهو جاهل، والله تعالى يقول: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُواْ إِلىَ اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (يوسف:108)
فمن أين له بالبصيرة في دقائق العلم وهو عاميٌّ جاهل.

[1] - إعلام الموقعين (3/ 7،8) وفتاوى الأزهر - (ج 7 / ص 368) وموسوعة كتب ابن القيم - (ج 39 / ص 3) والإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة - (ج 1 / ص 169) و إعلام الموقعين عن رب العالمين - (ج 3 / ص 151)
[2] - رسالة الحسبة المطبوعة ضمن مجموع الفتاوى (28/ 129) و مجموع الفتاوى - (ج 28 / ص 129) والموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 6030) والفقه الإسلامي وأدلته - (ج 8 / ص 382)
[3] - شرح مسلم (2/ 23) و شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131) وشرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية - (ج 1 / ص 29) ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 15 / ص 6) وروضة الطالبين وعمدة المفتين - (ج 4 / ص 4) وشرح البهجة الوردية - (ج 18 / ص 348) وموسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 4555)
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست