responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 250
فَهُوَ لَا يَتُوب مِمَّا فعله من الْحسن وَإِنَّمَا يَتُوب مِمَّا تَركه من الْحسن وَلِهَذَا ينْسب نَفسه إِلَى التَّفْرِيط بِمَا أضاعه من الْحَسَنَات وَكَذَلِكَ إِذا سمع فَضَائِل الْأَعْمَال المستحبة وَمَا وعد الله لأصحابها من علو الدَّرَجَات فيندم على مَا فرط من ذَلِك ويعزم على فعلهَا فَهُوَ تَوْبَة مِمَّا تَركه من الْحَسَنَات
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يصبر على المكاره مثل الْفقر وَالْمَرَض وَخَوف الْعَدو من غير رضى بذلك فَبَلغهُ مقَام أهل الرِّضَا وَأَنه أَعلَى من الصَّبْر الَّذِي لَا رضَا مَعَه وَأَن هَؤُلَاءِ يسْتَحقُّونَ رضوَان الله عَلَيْهِم وَأَن أول من يدعى إِلَى الْجنَّة الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَمَا روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس إِن اسْتَطَعْت أَن تعْمل لله بِالرِّضَا مَعَ الْيَقِين فافعل وَإِن لم تستطع فَإِن فِي الصَّبْر على مَا يكره خيرا كثيرا
فَهَذَا يَتُوب من ترك الرِّضَا لَا من نفس مَا أَمر بِهِ من الصَّبْر فَإِن الصَّبْر يبْقى مَعَ الرِّضَا لَا بُد من الصَّبْر فِي الْحَالَتَيْنِ لَكِن تذْهب مرَارَة الْكَرَاهَة بِالرِّضَا وَتلك المرارة لَيست من الْحَسَنَات الْمَأْمُور بهَا وَلَا هِيَ دَاخِلَة أَيْضا فِي حد الصَّبْر الْمَأْمُور بِهِ بل الصَّبْر قد تكون مَعَه مرَارَة وَقد لَا تكون
وَمن اعْتقد أَن الصَّبْر لَا يكون إِلَّا مَعَ مرَارَة وَأَنه ضد الرِّضَا فقد تكلم بعرف بعض الْمُتَأَخِّرين وَلَيْسَ ذَاك عرف الْكتاب وَالسّنة فَإِن الله تَعَالَى أمرنَا بِالصبرِ وَأثْنى على أَصْحَابه فِي أَكثر من تسعين موضعا من كِتَابه

اسم الکتاب : جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست