responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 151
وَإِذا تبين ذَلِك أَفَادَ هَذَا الحَدِيث أَلا يعجب العَبْد بِعَمَلِهِ بل يشْهد نعم الله عَلَيْهِ وإحسانه إِلَيْهِ فِي الْعَمَل وَأَنه لَا يستكثر الْعَمَل فَإِن عمله لَو بلغ مَا بلغ إِن لم يرحمه الله ويعف عَنهُ ويتفضل عَلَيْهِ لم يسْتَحق بِهِ شَيْئا وَأَنه لَا يُكَلف من الْعَمَل مَا لَا يُطيق ظَانّا أَنه يزْدَاد بذلك أجره كَمَا يزْدَاد أجر الْأَجِير الَّذِي يعْمل فَوق طاقته فَإِن ذَلِك يضرّهُ إِذْ المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى
وَأحب الْعَمَل مَا داوم عَلَيْهِ صَاحبه فَإِن الْأَعْمَال بالخواتيم بِخِلَاف عمل الأجراء فِي الدُّنْيَا فَإِن الْأُجْرَة تتقسط على الْمَنْفَعَة فَإِذا عمل بعض الْعَمَل اسْتحق من الْأُجْرَة بِقدر مَا عمل وَلَو لم يعْمل إِلَّا قَلِيلا فَمن ختم لَهُ بِخَير اسْتحق الثَّوَاب وَكفر الله بتوبته سيئاته وَمن ختم لَهُ بِكفْر أحبطت ردته حَسَنَاته فَلهَذَا كَانَ الْعَمَل الَّذِي داوم عَلَيْهِ صَاحبه إِلَى الْمَوْت خيرا مِمَّن أعْطى قَلِيلا ثمَّ أكدى وكلف نَفسه مَا لَا يُطيق كَمَا يَفْعَله كثير من الْعمَّال
فَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سددوا وقاربوا وَاعْلَمُوا أَن أحدا مِنْكُم لن يدْخل الْجنَّة بِعَمَلِهِ يَنْفِي الْمُعَاوضَة والمقابلة الَّتِي يُولد اعتقادها هَذِه الْمَفَاسِد
وَقَوله بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ يثبت السَّبَب الْمُوجب لِأَن يَفْعَله العَبْد وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم اعْمَلْ وَقدر أَنَّك لم تعْمل وَقَالَ آخر لَا بُد مِنْك وَبِك وَحدك لَا يَجِيء شَيْء
لَا بُد من الْعَمَل وَمن رَجَاء رَحْمَة الله
فَلَا بُد من الْعَمَل الْمَأْمُور بِهِ وَلَا بُد من رَجَاء رَحْمَة الله وعفوه وفضله وشهود العَبْد لتَقْصِيره ولفقره إِلَى فضل ربه وإحسان ربه إِلَيْهِ
وَقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَانُوا يَقُولُونَ ينجون من النَّار بِالْعَفو ويدخلون الْجنَّة بِالرَّحْمَةِ ويتقاسمون الْمنَازل بِالْأَعْمَالِ

اسم الکتاب : جامع الرسائل لابن تيمية - رشاد سالم المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست