المحققين من أهل الحديث سابقًا ولاحقًا لاستوقفه ذلك، ولما كتب ما كتب من سعيه للتشكيك في منهج الشيخ رحمه الله في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، وما زعمه من دعوى مخالفة الشيخ لمنهج المتقدمين، وأما إن كان الشيخ نفسه هو المقصود فالأمر غير، والله المستعان.
قال الشيخ: لولا أن القلب يشهد أن جزم هذين الصحابيين الجليلين حفصة وعبد الله ابني عمر، وقد يكون معهما عائشة - رضي الله عنها - جميعاً بمعنى الحديث وإفتائهم بدون توقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم عليه، إن القلب ليشهد أن ذلك يبعد جدًّا صدوره منهم، ولذلك فإني أعتبر فتواهم به تقوية لرفع من رفعه كما سبق عن ابن حزم، وذلك من فوائده، والله أعلم.
قال المستدرك: هذا خطأ ظاهر، فإن العلماء ما زالوا يثبتون الأحاديث الموقوفة موقوفة، ثم يذكرون أنه مما لا يقال بالرأي؛ لأن هذه المسألة -أعني كونه مما لا يقال بالرأي مما تختلف فيه أنظار العلماء، فلا ينبغي الجزم برفع الحديث بناء على أمر قد ينازع فيه، ومعلوم أن هناك فرقًا كبيرًا جدًّا بين حديث يرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صراحة، وبين فتوى تنقل عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - وأرضاهم.
قلت: لو أن تخطئته للشيخ كانت من بنات أفكاره لقلنا وجهة نظر له، ورؤية ارتآها عارض بها هذا الألباني الذي لم يفهم بعد كيف يصحح الأحاديث، ولم يَدْرِ الفرق بين ما هو موقوف له حكم الرفع وما هو مرفوع صريحًا، وأما نسبة ذلك إلى العلماء، ولم يستثن منهم أحدًا، فأقول: قال الشافعي رحمه الله في الرسالة ص (461) رقم (1263): المنقطع مختلف: فمن شاهد أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - من التابعين، فحدث حديثا منقطعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتبر عليه بأمور:
منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث، فإن شركه فيه الحفاظ المأمونون، فأسندوه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بمثل معنى ما روى كانت هذه دلالة على صحة من