مالك له، ومالك هو مالك، فكيف إذا كذب أحد الرواة، فمهما يكن من عارض مالكًا، أيمر تكذيبه بلا أثر؟!، كلا، فإذا علم أن ما كان بين مالك وابن إسحاق هو ما يكون بين الأقران علم الموقف الصحيح من كلام بعضهم في بعض، وقال الشافعي رحمه الله: كنت عند مالك، فقيل له: إن ابن إسحاق يقول: اعرضوا على علم مالك، فإني بيطاره، فقال مالك: انظروا إلي دجال من الدجاجلة، فتبين بهذه القصة سبب قول مالك فيه ذلك، وكذلك كلام هشام بن عروة، وقابل ذلك قول شعبة فيه، وشعبة معروف بالتشدد، قال: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، وفي رواية عن شعبة، فقيل له: لم؟ قال: لحفظه، وفي رواية عنه: لو سود أحد في الحديث لسود محمد بن إسحاق، والظاهر أن خلاصة أمره ما قاله الحافظ في التقريب أنه صدوق، يدلس.
قال المستدرك: لو كان ابن إسحاق ثقة لما نفع توثيقه هنا شيئًا، لأن أصح هذه الأسانيد إسناد البخاري مع ما في ابن إسحاق من كلام معروف، لا سيما في أحاديث الأحكام، وإذا كان في ابن إسحاق ضعف، لا سيما في أحاديث الأحكام، وقد خالف من هو أوثق منه، فهذا دليل على خطئه، وعدم ضبطه للحديث.
وأقول: من المعلوم أن من شرط تعليل الروايات بعضها ببعض أن يتحد مخرجها، وليس الأمر كذلك هنا، فرواية البخاري من طريق القاسم بن محمد عن عائشة، ورواية محمد بن إسحاق من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها، فلا يعارض بين الروايتين مع اختلاف مخرج الحديث كما هو مقرر في هذا العلم الشريف، ولعله لذلك لم يذكر المستدرك من خالف ابن إسحاق، ولئن كان كذلك فالأمر خطير، والله المستعان.
قال المستدرِك: وقد ذهب الشيخ الألباني إلى أن رواية صالح بن كيسان تشهد لرواية ابن إسحاق نقلاً عن ابن حجر.