قلت: وابن عثمان قال البخاري: عنده عجائب، وضعفه غيره، وعليه فقول حمزة الكناني: هو منكر مبني على كونه ابن عثمان، وهذا يدل على أن الأئمة تفوتهم بعض الأشياء، فلا يجوز رد الأسانيد الصحيحة لمجرد إنكارهم معرفة بعض الأمور، ومن ذلك قول البخاري: لا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟.
وقول البخاري: (لا يتابع عليه) هي بمعني التفرد، ومعلوم ما ينسجه المستدرك حول مسألة التفرد من الكلام، والجواب عنه قد سبق بما لا حاجة لإعادته، وأما قوله: (لا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟)، فقد قال الشيخ: ليست بعلة إلا عند البخاري بناء على أصله المعروف، وهو اشتراط معرفة اللقاء، وليس ذلك بشرط عند جمهور المحدثين، بل يكفي عندهم مجرد إمكان اللقاء مع أمن التدليس كما هو مذكور في المصطلح، وشرحه الإِمام مسلم في مقدمة صحيحه، وهذا متوفر هنا، فإن محمد بن عبد الله لم يعرف بتدليس، ثم هو قد عاصر أبا الزناد، وأدركه زمانًا طويلاً، فإنه مات سنة (145)، وله من العمر (53)، وشيخه أبو الزناد مات سنة (130)، فالحديث صحيح، لا ريب فيه.
قلت: هذا كلام محرر في غاية الدقة والمتانة، ونفي البخاري معرفته بالسماع لا يكفي في نفيه، وإنما هو طلب لوقوفه على إثبات السماع كما بين الشيخ، وقد يقع السماع، ولا يقف عليه البخاري، فمن ذلك أن قال العلائي في جامع التحصيل ص (230): قال البخاري: لم يسمع ابن جريج من عمرو بن شعيب شيئًا، وقال ابن حجر في التهذيب: قال الترمذي: قال محمد بن إسماعيل: لم يسمع ابن جريج من عمرو بن شعيب.
وفي مصنف عبد الرزاق (8/ 338) رقم (15446): أخبرنا ابن جريج قال