responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل المؤلف : العبيلان، عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 132
عليه في مثل هذه الأحاديث: أن يكون الترجيح بالنظر إلى آثار الصحابة، وتقدم النقل عن الإمام أحمد أنه علَّل حديثًا مرفوعًا بمخالفته آثار الصحابة، فإن ثبت عنهم ولم يختلفوا فيه كان دليلاً قويًّا على ثبوت الحديث، لأن من عرف سيرتهم لا يشك أنهم أخذوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قيل: لما لم يرد في الأحاديث المشهورة في صفة وضوء النبي عليه السلام؟
فالجواب: ما قاله ابن القيم عليه رحمة الله: "وكان يخلل لحيته أحيانًا ولم يكن يواظب على ذلك، ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد" [1].
وبهذا يتبين ضعف قول المستدرك: "وسبب نكارته: أن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم محل عناية خاصة من الصحابة، ومع هذا لم ينقل لنا في الأحاديث الصحيحة المعتمدة المتكاثرة أنه خلل لحيته، مما يدل على عدم وقوعه"!
ولعل ما ذهب إليه المستدرك -عفا لله عنه- سببه الإغراق في معرفة العلل من غير نظر إلى عمل المتقدمين.
قال ابن القيم رحمه الله: "فإن ما انْفَرَدُوا بِهِ من الْعِلْمِ عنا أَكْثَرُ من أَنْ يُحَاطَ بِهِ، فلم يَرْوِ كُلٌّ منهم كُلَّ ما سمع، وَأَيْنَ ما سَمِعَهُ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - وَالْفَارُوقُ وَغَيْرُهُمَا من كِبَارِ الصحَابَةِ - رضي الله عنه - إلَى ما رَوَوْهُ؟ فلم يَرْوِ عنه صِدِّيقُ الأُمَّةِ مِئَةَ حَدِيثٍ، وهو لم يَغِبْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من مَشَاهِدِهِ، بَلْ صحِبَهُ من حِينِ بُعِثَ بَلْ قبل الْبَعْثِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وكان أَعْلَمَ الأُمَّةِ بِهِ -صلى الله عليه وسلم - بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ، وَهَدْيِهِ، وَسِيرَتِهِ، وَكَذَلِكَ أجلة الصَّحَابَةِ رِوَايَتُهُمْ قَلِيلَةٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى ما سَمِعُوهُ من نَبِيِّهِمْ وَشَاهَدُوهُ، وَلَوْ رَوَوْا كُلَّ ما سَمِعُوهُ وَشَاهَدُوهُ؛ لَزَادَ على رِوَايَةِ أبي هُرَيْرَةَ أَضعَافًا مُضَاعَفَةً، فإنه إنَّمَا صَحِبَهُ نحو أَرْبَعَ سِنِينَ، وقد رَوَى عنه الْكَثِيرَ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: لو كان عِنْدَ الصَّحَابِيِّ في هذه الْوَاقِعَة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم

[1] انظر: "زاد المعاد" (1/ 198).
اسم الکتاب : رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل المؤلف : العبيلان، عبد الله    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست