اسم الکتاب : نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب» المؤلف : الوائلي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 12
سفيان فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير ابن طولون صاحبى يقرئكم السلام والتحية، ويعتذر إليكم في الفضلة عن تفقد أحوالكم، والتقصير الواقع في رعاية حقوقكم. وقد بعث بما يكفى نفقة الوقت، وهو زائركم غدًا بنفسه ويعتذر بلفظه إليكم، ووضع بين يدى كل واحد منَّا صرةً فيها مائة دينار.
فتعجبنا من ذلك، وقلنا للشاب: ما القصة في هذا؟ فقال: أنا أحد خدم الأمير ابن طولون المختصين به، والمتصلين بإقرائه وخواص أصحابه، دخلت عليه بكرة يومى هذا مسلمًا في جملة أصحابى فقال لى وللقوم: أنا أحب أن أخلو يومى هذا، فانصرفوا أنتم إلى منازلكم فانصرفت أنا والقوم فلما عدت إلى منزلى لم ينسق قعودى حتى أتانى رسول الأمير مسرعًا مستعجلًا يطلبنى حثيثًا، فأجبته مسرعًا فوجلله منفردًا في بيت، واضعًا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل جسده فقال: لى: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، قال: اقصد المحلة الفلانية، والمسجد الفلانى، واحمل هذه الصرر وسلمها في العين إليه وإلى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة، ومهد عذرى لديهم، وعرفهم أنى صبيحة الغد زائرهم، ومعتذر شفاهًا إليهم.
فقال الشاب: سألته عن السبب الذى دعاه إلى هذا فقال: دخلت هذا البيت منفردًا على أن أستريح ساعة. فلما هدأت عينى رأيت في المنام فارسًا في الهواء متمكنًا تَمَكُّنَ من يمشى على بساط الأرض، وبيده رمح فقضيت العجب من ذلك، وكنت أنظر إليه متعجبًا حتى نزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتى فقال: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم وأدركهم، قم وأدركهم قم وأدركهم فإنهم منذ ثلاثة جياع في المسجد الفلانى فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رضوان صاحب الجنة، ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتى أصابنى وجع شديد لا حراك بى له، فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عنى.
فقال الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله سبحانه وتعالى وأصلحنا أمورنا ولم تطب أنفسنا بالمقام، حتى لا يزورنا الأمير ولا يطلع الناس على أسرارنا، فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه، ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة، وخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وفريد دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الأمير
اسم الکتاب : نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب» المؤلف : الوائلي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 12