اسم الکتاب : المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية المؤلف : الهوريني، نصر الجزء : 1 صفحة : 60
وأما ما رواه البخاري من أنه عليه السلام في عُمْرة القَضِيّة التي يقال لها "غَزْوة الحدُيْبِيَة" أخذ الكتاب ليكتب، فكتب: فقد أولوه بأن المراد أنه أمر كاتبه يومئذٍ -وهو سيدنا على- أن يَمْحُوَ ما كتبه أولًا في صحيفة المصالحة والمشارطة بينه وبين أهل مكة من قوله فيها: "هذا ما قَاضَى عليه محمدٌ رسول الله"، لأنهم لما سمعوا هذه الكلمة لم يَرتَضَوْها، وقالوا: لو علمنا أنك رسول الله ما منعناك من دخول مكة ولَتَابَعْنَاك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك محمَّد بن عبد الله. فقال لسيدنا على رضي الله عنه: "امْحُ رسولَ الله"، فقال على: والله لا أَمحوك أبدًا. وتعاصَتْ الصحابة -أنصارًا ومهاجرين- عن محوها، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعلى: "فأرِنيهِ"، فأراه إِياه، فمحاه بيده الكريمة، ثم امتثل أمره سيدنا على، وكتب كما أمره [1].
فالمراد يكون الرسول "كتب" في لفظ الحديث: أنه أمر كاتبه. ونظيره قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} [آل عمران: 181] أي: نأمر الكَتَبَةَ على بعض التفاسير. وقد ورد في الأحاديث أنه عليه السلام كتب إِلى الملوك كِسرى وقَيْصر وغيرهم [2]، وكذا قولهم "نَسَخَ عثمان المصاحف وأرسلها إِلى البلاد"، فالمعنى أمر بذلك.
وقد صمَّم الإِمام أبو الوليد الباجِى الأندلسى [3] على الأخذ بظاهر الحديث، وأن الله أطلق يده عليه السلام بالكتابة في تلك الساعة معجزة له، فقام عليه [1] الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في الجامع الصحيح كتاب الصلح -باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان بن فلان (رقم 2699). وكتاب المغازى- باب عمرة القضاء (رقم 4251). ومسلم في صحيحه -كتاب الجهاد والسير- باب صلح الحديبية (رقم 1783/ 92) من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه. [2] راجع عن ذلك كتاب (مكاتيب الرسول) لعلي بن حسين على الأحمدى (طبع دار المهاجر -بيروت- لبنان). وانظر مثلًا صحيح البخاري -كتاب أخبار الآحاد- باب ما كان يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمراء والرسل (رقم 7264). [3] سليمان بن خلف بن سعد التجيبى القرطبى، أبو الوليد الباجى فقيه مالكى، من رجال =
اسم الکتاب : المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية المؤلف : الهوريني، نصر الجزء : 1 صفحة : 60