responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 359
فيه عليهم. وليست "المقامة" ههنا بالموضع الذي يقام فيه قياما على الأقدام، ولا القوم القائمين على أرجلهم، ولكن لما كانت الخطباء من شأنها القيام عن الخطابة، سمي موضع الخطبة: مقاما، وإن خطبوا فيه قعودا، فقد تسمى الخطبة نفسها: مقامة على ما وصفنا. ويسمى كل محفل فيه خطابة، أو ذكر أو دعاء أو مناضلة أو مفاخلة أو مثاقفة: مقاما، ولذلك قال لبيد:
ومقام ضيق فرجته بلساني وبياني وجدل
لو يقام الفيل أو فياله زل عن مثل مقامي وزحل
والفيل لا يخطب، ولكنه يزل ويزلق في موضع الزلق من الأرض، ولبيد عنه نفسه لا يزل في خطبته، وليس بقائم مثل الفيل، وإنما خص الفيل لأنه قائم أبدا لا يبرك ولا يربض. ومن هذا قيل: فلان قائم بالحق، إذا نصر الحق، وإن كان جالسا، وقائم بأمر أهله، وقائم بما أسند إليه، ولا يراد في شيء من ذلك القيام على القدمين، وإنما يعني به: حسن العهد له والحفظ. ويقال: هو حسن القيام بالضيعة، ولا يعني به القيام على القدمين؛ ولذلك قيل: دينار قائم، أي وازن. وقيل للزوال: قد قام قائم الظهيرة. وقيل للملك: هو قائم بالملك، أي حافظ له، وهذا كثير لا يحصى. ومن ذلك قولهم: أقمت بالمكان، أي لبثت فيه، وأطلت المكث، وليس يراد به القيام على الأرجل، ولكن للاستعارات والتشبيهات التي بها تكمل الفصاحة والبلاغة، وللاختصار والاكتفاء بالمجاز والإشارة فعل ذلك.
وأما قوله: أخذت فلانا الموتة؛ ضرب من الجنون، والموتة من الموت فإن الموتة، بالضم، بنيت على فعلة، بضم الأول، بمنزلة اللوثة، التي تكون بالإنسان المعتوه، على مثال أسماء العيوب، التي تأتي مثل العرجة والسدة والغمة واللثغة والرتة، وما أشبه ذلك، وهي داء يأخذ المجنون، بمنزلة النعاس والاسترخاء كأنه يقارب الموت من الغشى. وأما الموتة بالفتح؛ فاسم للمرة الواحدة من الموت بمعنى الميتة، وإن كانت الميتة لا تكون إلا مرة واحدة. ولكن قد قيل في الشدائد التي تصيب الإنسان: إنه قد مات موتات. وفي

اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه    الجزء : 1  صفحة : 359
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست