اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه الجزء : 1 صفحة : 177
وقوله: عبَّيْت الجيش، إنما ترك همزه تخفيفا، حتى دخله التشديد. وأصله الهمز، ألا ترى أنهم لا يستعملون خفيفه إلا بإثبات الهمز.
* * *
ونحن مفسرون غريب الباب ومعناه إن شاء الله:
أما قوله: رقأأ الدم يرقأ رقوءاً، إذا انقطع، فهو كما قال. وهو كقولك: سكن/ يسكن سكوناً، في المعنى والوزن، وإن فتح منه المستقبل، من أجل الهمزة. وذلك إذا كان قد انفجر عرق، أو رعف إنسان ثم سكن. وكذلك يقال للدمع، إذا كثر البكاء ثم سكن: قد رقأ دمعه، وهو يرقأ. ويقال للحزين الباكي: ما ترقأ له دمعة. ويقال في الدعاء: لا رقأت دمعته. ولا يرقئ الله دمعته. وقد يجعل الفعل للعين، فيقال: رقأت عينه. ولا رقأت عينه. وإذا نقل الفعل عن الدم والعين إلى فاعل آخر، نقل بالألف فقيل: أرقأ الدواء الدم، كما قال جرير للأخطل:
بكى "دوبل" لا يرقئ الله دمعه ألا إنما يبكي من الذل "دوبل"
وقوله: "لا تسبوا الإبل، فإن فيها رقوء الدم" مفتوح الأول، معناه أن فيها سكون الدم والقتل؛ وذلك أنها تؤخذ في الدية؛ فيرقأ بها الدم من القود؛ أي يحبس ولا يهراق. فالرقوء: اسم على فعول لما يسكن به الدم، مثل: الوجور، والسعوط، واللدود، والوقود. وهو ايضاً اسم للدواء، الذي يسكن به دم الجرح والعرق والرعاف. والعامة تقول: رقا الدم، بألف لينة، غير مهموز. وليس ذلك بخطأ، وهو لغة قريش، ومن يخفف الهمز، كما يقولون: قرا يقرا، بغير همز، وأصله الهمز.
وأما قوله: رقيت الصبي من الرقية أرقيه؛ فليس من هذا الباب؛ لأنه من ذوات الياء، ولا همز فيه؛ ومعناه: أن يعوذه بأسماء الله، أو بكتابه من عين أو نظرة، من الجن أو غير ذلك. وكل كلام استشفي به من وجع أو خوف أو شيطان أو سحر فهو رقية. وفاعله:
اسم الکتاب : تصحيح الفصيح وشرحه المؤلف : ابن درستويه الجزء : 1 صفحة : 177