اسم الکتاب : سنن أبي داود - ت الأرنؤوط المؤلف : السجستاني، أبو داود الجزء : 3 صفحة : 105
رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يأتي أحدُكم بما يملكُ فيقول: هذه صدقة، ثم يَقعُدُ يُستكِف الناسَ، خَيرُ الصدَقةِ ما كان عَن ظَهرِ غنىً" [1]. [1] رجاله ثقات. محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - مدلس وقد عنعن. لكن ذكر الحافظ في"هدي الساري" ص 42: أنه وقع عند أبي يعلى تصريح ابن إسحاق بسماعه من عاصم بن عمر بن قتادة، فإن يكن صحيحاً فالإسناد حسن، على أننا لم نجد تصريحه بالسماع في مطبوع "مسند أبى يعلى"، فالله أعلم.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 413، والبيهقي في "سننه" 4/ 154 من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه!
وأخرجه عبد بن حميد (1120) و (1121)، والدارمي (1659)، وأبو يعلى (2084) و (2220)، والطبري في "تفسيره" 2/ 366، وابن خزيمة (2441)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4771)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 4/ 181 و10/ 322، وفي "الشُّعب" (3144) من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
وانظر ما بعده.
وقوله: يستكف الناس. قال الخطابي: معناه: يتعرض للصدقة، وهو أن يأخذها ببطن كفه، يقال: تكفف الرجل واستكف: إذا فعل ذلك، ومن هذا قوله - صلَّى الله عليه وسلم - لسعد رضي الله عنه: "إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
وقوله: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، أي: عن غنى يعتمده ويستظهره به على النوائب التي تنوبه، كقوله في حديث آخر: "خير الصدقة ما أبقت غنيً".
وفي الحديث من الفقه أن الاختيار للمرء أن يستبقي بنفسه قوتاً، وأن لا ينخلع من ملكه أجمع مرة واحدة لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وشدة نزاع النفس إلى ما خرج من يده فيندم فيذهب ماله، ويبطل أجره، ويصير كلاً على الناس.
قال الخطابي: ولم ينكر على أبي بكر الصديق رضي الله عنه خروجه من ماله أجمع لما علمه من صحة نيته وقوة يقينه، ولم يخف عليه الفتنة كما خافها على الرجل الذي رد عليه الذهب.
اسم الکتاب : سنن أبي داود - ت الأرنؤوط المؤلف : السجستاني، أبو داود الجزء : 3 صفحة : 105