اسم الکتاب : مسند أحمد - ت شاكر المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 137
ربما دخل من بعض الدور وطرر الحاكة [1]، وربما تسلق، وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب، وجاءه حاجبُ ابن طاهر فقال: إن الأمير يقرئك السلام، وهو يشتهي أن يراك، فقال: هذا مما أكره، وأمير المؤمنين أعفاني مما أكره، وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر، والبرد تختلف كل يوم، وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه، وجعلوا يبكون عليه، وجاء قوم من القضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم، ودخل عليه شيخ فقال: اذكر وقوفك بين يدي الله، فشهق أبو عبد الله، وسالت الدموع على خديه، فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين قال: ادعوا لي الصبيان، بلسان ثقيل، فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشمهم ويمسح بيده على رؤوسهم، وعينه تدمع، [فقال له رجل: لا تغتم لهم يا أبا عبد الله، فأشار بيده، فظننا أن معناه أني لم أرد هذا المعنى، وكان يصلي قاعداً، ويصلي وهو مضطجع، لا يكاد يفتر، ويرفع يديه في إيماء الركوع [2]]، وأدخلت الطست تحته فرأيت بوله دماً عبيطاً ليس فيه بول، فقلت للطبيب، فقال: هذارجل قد فتت الحزن والغم جوفه، واشتدت عليه [3] يوم الخميس، ووضأته، فقال: خلل الأصابع، فلما كانت ليلة الجمعة ثقل، وقبض صدر النهار، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع.
وقال أبو بكر الخلال: أخبرني عصمة بن عصام حدثنا حنبل قال: أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث [1] كذا في الأصل، والظاهر أنه يريد أطراف مصانعهم، فإن "طرة" كل شيء طرفه، وجمعها، "طرر" بضم الطاء وفتح الراء الأولى. وفى ابن الجوزي 404 "طرز" بالزاي في آخره ولم أجد لها وجهاً. [2] الزيادة من ابن الجوزي 406. [3] كذا بالأصل، يريد: اشتدت عليه علته. وفي ابن الجوزي 406: "واشتدت به العلة".
اسم الکتاب : مسند أحمد - ت شاكر المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 137