responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 617
وبالطبع فإن هذه النتائج لا تقبل التعميم مباشرةً على الثقافات الأخرى, ومنها ثقافتنا العربية والإسلامية, وعلى الرغم من أنه لا توجد نتائج تحدد هذا الجانب من السلوك الديني لدى المسنين المسلمين, إلّا أننا نتوقع أنهم بعد أن يتخففوا من الأعباء والمسئوليات التي كانت تثقل كواهلهم في مراحل العمر السابقة يحتل السلوك الديني مكانة رئيسية لديهم، فصلاة المسن المسلم ونسكه قد تكون وسلته الوحيدة للتخفف من مشاعر العزلة، وهي عزاؤه عند كل ضيق، كما تعصمه من الوقوع في غائلة القلق، وخاصةً قلق الموت, ويعبر فؤاد البهي السيد "1975: 450" عن ذلك بقوله:
"إن المسن يغشى دور العبادة في هذا الطور من حياته وهو يحسُّ أنه قد خلا له وجه دينه بعيدًا عن شواغل الدنيا وأحزانها ومسراتها".
وتكشف لنا الملاحظة العابرة للسلوك الديني للمسنين في بلادنا أنهم أكثر ممن هم أصغر سنًّا في تفضيل البرامج الدينية في وسائل الإعلام، وهم أكثر حرصًا على قراءة القرآن الكريم، وأكثر مواظبة على صلاة الجماعة، وأكثر تقديرًا للقيمة الدينية على غيرها من القيم "وخاصة القيم المادية"، بالإضافة إلى التركيز على المغزى الشخصي للدين باعتباره وسيلة للتوافق النفسي، وفي هذا يختلف المسنون عمن هم أصغر سنًّا من المتدينين الذين يدركون الدين على أنه وسيلة للإصلاح الاجتماعي والممارسة السياسية, ولعل هذا الفارق الجوهري يفسر لنا أن نسبة الشباب والراشدين الذين يمارسون ما يُسَمَّى في السنوات الأخيرة في مصر "التدين السياسي" تفوق كثيرًا نسبة المسنين.
وإدراك المسن للطابع الشخصي للدين يحقق له في هذه المرحلة مهمة التكامل، وإذا كان الأمل -كما يرى إريكسون- هو القوة الأساسية الدافعة في مرحلة الطفولة، فإن هذا الأمل يتضح في الطور المتأخر من النموِّ الإنساني في العقيدة، ولا يمكن للتكامل أن يتجاوز اليأس والقنوط في هذه الحالة إلّا إذا وجد المسن معنًى واضحًا للحياة, وبالطبع فإن العقيدة الدينية أعظم مصادر هذا المعنى, ويؤكد ذلك نتائج بحث هام قامت به "Telis -Nayak, 1982" واستخدمت فيه مقياسًا للتدين religiosity تضمن الاتجاهات الدينية والمعتقدات والطقوس والعبادات والممارسات, فوجدت أن التدين لا يرتبط بالمتغيرات المادية والصحية والأحوال الاقتصادية، وإنما أقوى علاقاته بشعور الفرد بوجود معنى وغرض لحياته.

اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 617
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست