اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 615
3- الجيل الذي صنعه ثورة 23 يوليو 1952, وهم أولئك الذين كانوا أطفالًا أو مراهقين عند قيام هذه الثورة, وهم الآن إما على مشارف بلوغ الرشد أو في منتصفه، وهذا الجيل عاش العصر "الثوري" كاملًا وبلغ حماسه له أوجه، وشاع فيه اتجاه التحرر، وكانت نكبته بعد كارثة 5يونيو 1967 بالغة العنف, أفقدته الكثير مما كان يتشبث به, وحولته الآن إلى ما يمكن أن نسميه الحياد السياسي.
4- جيل عصر التحرر الاقتصادي، وهو الجيل الذي تَفَتَّح وعيه مع بداية عصر الإصلاح الاقتصادي والتوجه إلى الاقتصاد الحر، وهم الآن في طور الشباب أو الرشد المبكر، ويسود بينهم تيار التحرر بالمعنى الليبرالي.
وهكذا يستجيب الناس للاتجاهات العامة السائدة في المجتمع؛ فحين يتحوّل المجمع من المحافظة إلى التحرر أو العكس, يتأثر جيل الصغار والشباب خاصةً بالتيار السائد، وحين يتقدم هؤلاء في السن فإنهم يظلون في نفس الاتجاه أو يغيرونه, إلّا أن هذا القول يجب ألّا يعني أن استجابة أفراد كل جيل للظروف التاريخية التي يعيشون فيها متساوية، ففي كل جيل من الأجيال الأربعة السابقة تكاد تجد جميع ألوان "الطيف" السياسي، ويؤكد ذلك حقيقة أن الصراعات السياسية ليست بين الأجيال فحسب، ولكنها داخل كل جيل أيضًا, وعلى ذلك فالأصح أن نقول: إن المسنين يبدون أكثر محافظةً؛ لأن جيلًا جديدًا من الشباب والراشدين الصغار تسود فيهم اتجاهات التحرر، ولعل هذا ما يدفع المجتمعات إلى التطور، فإذا كان الشباب يمثلون قوى التغيير، فإن الشيوخ هم قوى الضبط، ولا يمكن للتغيير أن يمضي إلّا ما لا نهاية، كما لا يمكن لمجتمع أن يظل ساكنًا سكون الموت.
وما يلفت النظرحقًّا أنه مع تقدم الإنسان في العمر يزداد اهتمامه ونشاطه السياسيان, وقد كشفت البحوث التي أجريت في هذا الصدد أنه مع تجاوز الراشدين حاجز عمر الستين يبلغ اهتمامهم السياسي ذروته، وتأكد ذلك في جميع المستويات التعليمية "Hudson & Binstock", صحيح أن هذه الاهتمامات قد يصاحبها نشاط سياسي فعليّ حتى الخمسينات من العمر, إلّا أنه مع بلوغ المرء مرحلة الشيوخة تظل اهتماماته السياسية قوية, بينما قد يضعف نشاطه السياسي, إلّا أن المسن إذا كان نشاطه السياسي كبيرًا في طور منتصف العمر, فإنه يظل كذلك أيضًا في مرحلة الشيخوخة.
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 615