اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 582
على الأقل، على نظامٍ معين للكفالة المادية هو نظام التأمين الاجتماعي؛ حيث يحل المعاش pension محل الأجر wage.
وهذا التعريف الذي نقترحه لا يعني أن التقاعد يعني التعطل أو البطالة الكاملة, صحيح أنه -من منظور دورة الحياة في النمو- هو نهاية دورة الحياة المهنية للإنسان، إلّا أننا نجد بعض المسنين -بعد تقاعدهم من عملهم الأصلي- يقومون بعملٍ بعض الوقت، وقد يرجع ذلك أحيانًا إلى أسباب مالية "حيث المعاش أقل بكثير من الأجر الذي ظلَّ الشخص يحصل عليه لسنوات طويلة"، إلّا أنه في معظم الأحيان يرجع إلى رغبة المسن في الشعور بالرضا لأنه يقوم "بعمل ما"، والعمل قيمة أساسية، ناهيك عن أنه مكوّن أساسي في هوية الإنسان.
ومن حقائق التاريخ الإنساني أن التقاعد مفهوم حديث خلقه التقدم في التصنيع, ومن الطريف أنه عند بداية الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر لم يكن يصل إلى سن التقاعد إلّا أقلية من السكان، ولهذا كان العامل العادي يظل في عمله حتى وفاته, وبالطبع كان ذلك هو التقليد المستقرّ عبر العصور السابقة؛ ففي الحرف التقليدية والمهن الزراعية والأعمال الحكومية التي كانت سائدةً قبل عصر التصنيع, لم يكن هنا تقاعد بالمعنى الذي نعرفه اليوم، فالمرء كان يظل يعمل طالما أنه حيّ وقادر على العمل, بل إنه في مثل تلك المجتمعات السابقة على التصنيع كان هناك دائمًا عمل كل فرد مهما بلغ عمره، طفلًا كان أو راشدًا أو شيخًا طاعنًا في السن.
إلّا أنه مع تطور حركة التصنيع ظهرت الحاجة إلى التقاعد, ويذكر "McConnell 1983" بضعة أسباب لذلك منها:
1- مع تراكم الإنتاج في أوروبا ابتداء من عام 1870 تضاءلت الحاجة إلى القوى العاملة التي تزوّد المجتمع بحاجاته من السلع والخدمات, ولذلك قلَّ الطلب على القوى العاملة, وكان ذلك أكثر وضوحًا في مجال الزراعة؛ حيث انخفضت فرص العمل إلى 50%, ثم إلى 38% عام 1900, وإلى 4% عام 1975.
2- التطور التكنولوجي الذي لازم الثورة الصناعية منذ ظهورها, والذي يتسم في عصرنا الحاضر بما يُسَمَّى الانفجار التكنولوجي, أدّى إلى تغييرٍ في طبيعة كثير من المهن والأعمال، وتطلب حاجة مستمرة للتدريب لمواجهة هذه التغيرات. وبالطبع, فإن مهارات العمال المتقدمين في السن ومعارفهم لا تكون ملائمة لذلك.
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 582