اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 522
2- النموذج البيولوجي غير الوراثي:
يركز النموذج البيولوجي غير الوراثي على الوظائف الخلوية, سواء تلك التي تحدث داخل الخلية الواحدة أو بين الخلايا المختلفة, وعلى ذلك فهو نموذجٌ يهتم بالعوامل التي تؤثر في نشاط الخلايا وليس على عمليات انتقال مركب RNA, DNA داخل الخلايا, كما يهتم بأثر المواد غير الخلوية في الجسم الإنساني؛ مثل: إنتاج الفضلات والجزئيات الحرة في نشاط الخلية, وعلى ذلك فإن هذا النموذج يتعارض مع النموذج البيولوجي الوراثي السابق, الذي يركِّزُ على التغيرات الداخلية للشفرة الوراثية باعتبارها سبب الشيخوخة, وهكذا فعلى الرغم من أن كِلَا النموذجين يركِّزُ على وظائف الخلية، إلّا أنَّ لكلٍّ منهما أسبابه المختلفة في تفسير ظاهرة التقدم في السن.
ويرى بعض أصحاب هذا النموذج أن الشيخوخة ترجع في جوهرها إلى الزيادة المتراكمة لنواتج الفضلات الناجمة عن عمليات الأيض "أو عمليات الهدم والبناء Metbolism" في كل خلية, وما يحدث أن هذه الفضلات تتداخل مع الوظائف العادية للخلية, وتؤدي في النهاية إلى موتها, وتتوافر أدلة كثيرة على صحة هذا النموذج, قَدَّمَها على وجه الخصوص شوك Shock "في Finch & Hayflick, 1977".
لقد أكدت البحوث أن الخلايا تنتج الكثير من الفضلات الضارة, تتراكم مع مرور الوقت في أنسجة الجسم, ومثال ذلك مادة الليبوفوسين lipofusin التي هي في جوهرها مادة دهنية لا تقبل التحلل أوالذوبان, وبالتالي تتداخل مع نشاط الخلية وتؤدي إلى موتها, وقد لُوحِظَ أن هذه المادة تكَوّن حوالي ثلث الحجم الكلي لعضلة القلب لدى المسنين, وبالتالي تؤدي إلى خلل في وظائفه, صحيح أن البحوث على فضلات الخلية لا تزال في مراحلها المبكرة، إلّا أنَّ من المتوقع لها أن تقدِّمَ لنا نتائج هامة ومفيدة في المستقبل القريب, وحتى الآن فمن الصعب في هذا الميدان من البحث تحديد ما إذا كانت فضلات الخلية هي من أسباب الشيخوخة أم من نواتجها، كما أن من المؤكَّدِ وجود فروق فردية واسعة في معدل هذه الفضلات الخلوية، وبالطبع فإن نسبة تركيز هذه المواد في الخلايا ترتبط ارتباطًا موجبًا عاليًا بسلوك الشيخوخة كما نلاحظه بالفعل, وتوجد صعوبة أخيرة في هذا النموذج تتمثل في أن بعض الفضلات "وخاصة الليبوفوسين", يتراكم فقط في الخلايا التي لا تنقسم, وبالتالي قد لا تكون هذه الفضلات في ذاتها سببًا كافيًا للشيخوخة.
وهنا اتجاه أكثر حداثة في إطار هذا النموذج اقترحه عالم الكيمياء الحيوية الصناعية بجوركستين Bjorkstin عام 1974, وخلاصته أن هناك علاقة بين
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 522