responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 512
إلى اتجاهات سالبة نحو الذات والآخرين والعمل والحياة عامة، وهذا في ذاته يؤدي إلى الهرم بمقدار يفوق ما تفعله التغيرات في أنسجة المخ.
ويُعَدُّ التقاعد retirement من العمل -أي: التحول من الشخص العامل المنتج الكاسب للقمة العيش بجهده وكَدِّه, إلى شخص عاطل معتمد على الآخرين في معاشه- هو أشد صور التحول من الاستقلال إلى الاعتماد, وخاصة من الوجهة الاجتماعية, وتُعَدُّ خبرة التقاعد من أشد الخبرات إحباطًا في حياة الإنسان، ومع ذلك فإن من الممكن أن تمر هذه الخبرة بسلام في حياة الراشدين إذا أُحْسِنَ التخطيط لها. ونذكر هنا أن من الاتجاهات الحديثة في علوم الإدارة والتنظيم الصناعي زيادة مسئولية المنظمات في مساعدة الأفراد الذين هم في مرحلة منتصف العمر على التوافق لمشكلات التقاعد, وأولها التركيز على أهمية الادّخار والاستثمار في صناديق التأمين والمعاشات, بما يضمن دخلًا ثابتًا بعد التقاعد, ولكن سرعان ما ظهر أن هناك مشكلات أشد تعقدًا من المشكلات المالية, يجب الاهتمام بها عند الإعداد للشيخوخة, ونتيجةً لذلك نجد المؤسسات الصناعية الكبرى في الغرب تُعِدُّ برامج للإرشاد الجماعي والفردي لأولئك الذين يقتربون من الشيخوخة, وقد أدى هذا إلى أن يتنبه الإنسان العادي إلى ما ظلّ يركز عليه علماء النفس لسنوات طويلة, وهو أن التوافق لأيّ مشكلة يتم بسرعة وبأقل قدر من التوتر الانفعالي إذا كان الفرد مُعَدًّا لها, وكلما طالت فترة الإعداد وزادت جوانب الموقف التي تتطلّب الاستكشاف والفهم وضوحًا, كان التوافق للمشكلات أفضل, حتى ولو اختلفت جوانبها الخاصة عما كان يتوقعه المرء خلال فترة الإعداد.
وبالطبع لا ينكر أحد أن أهم خصائص الشيخوخة التدهور العام الذي تتعرض له جميع الجوانب الجسمية والنفسية والاجتماعية للإنسان، إلّا أن الملاحظ أن هناك دائمًا إمكانية تعويض هذا التدهور؛ فالهبوط في القدرات العقلية والجسمية يُعَوّضُ بالاستفادة من خبرات المسنين السابقة، ونقصان القوة العضلية وبطء الاستجابة وزيادة زمن الرجع يُعَوّضُ بزيادة المهارة, وهذه المرحلة التي يمكن تعويض النقائص فيها هي المرحلة المبكرة للشيخوخة، أما في المرحلة المتأخرة، والتي يسميها القرآن الكريم "أرذل العمر"، فإن التدهور فيها يصبح كاملًا ويستحيل فيها التعويض.
إلّا أن من المهم أن ننبه إلى أن ما يمكن أن نسميه "الشيخوخة السيكولوجية"، لا يتوازى بالضرورة مع الشيخوخة الجسمية, أي: مع التغيرات الجسمية والفسيولوجية التي تحدث للمعمرين, ويتوقف هذ النوع من الشيخوخة مرة أخرى

اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 512
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست