اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 505
حياة الإنسان, وهي مرحلة يشترك فيها الإنسان مع الحيوان؛ فالتغيرات التي تطرأ على جلد الإنسان وشعره وقامته وقوة عضلاته ونشاطه وكفاءته في الاستجابة, نكاد نَجِدُ ما يناظرها عند الحيوان عندما يدخل في طور الشيخوخة, ومع ذلك فإن هذا المرحلة في حياة الإنسان تتسم بالدينامية والتفاعل كغيرها من مراحل حياته، وتمر بتحديات التكيُّف ومشكلات التوافق التي تحتاج إلى المعالجة, حتى يمكن للمرء أن يستمر في حياته.
هي هذه حقائق الحياة فعلًا وحقًّا، وكان بالطبع يمكن تقبُّلها على أنها تغيرات طبيعية, وعندئذ لا تكون لها آثار تذكر على توافق الإنسان، إلّا أن ما يحدث في الأغلب أن معظم الثقافات الإنسانية تركِّزُ على أهمية الشباب والرشد، أما ما يتردد فيها عن الشيخوخة والتقدُّمِ في السن فهي أفكار نمطية تتسم بأنها سلبية في جوهرها. ولعل أوضح الأدلة على ذلك ما يفيض به الفولكلور الثقافي من إشاراتٍ غير محبذة لهذا العمر الإنساني، وأكثر الأمثلة وضوحًا في هذا السياق الأمثال الشعبية، صحيحٌ أن فيها بعض إشارات موجبة عن الشيخوخة والشيبة وسواهما, إلّا أن الطابع الغالب عليها عامَّةً هو الطابع السلبي, ويبدو لنا أن انطباعاتنا عن الشيخوخة تعتمد على خبراتٍ تعوزها القيم الموجبة, وعلى معلومات غير دقيقة حول طبيعة الأفراد وخصائصهم في هذه الفترة من دورة الحياة.
وتوجد مجموعة من الأفكار النمطية حول هذه المرحلة: فالمسنون مرضى فقراء غير مهمين, غير أصحاء, وغير ودودين, وحزانى ومساكين, وتوجد مصادر كثيرة لهذه الاتجاهات السلبية نحو المسنين: أحدها ما أشرنا إليه من تراثٍ فولكلوري, فإذا أضفنا إليه التراث الأدبي الذي يقرأه الإنسان عادةً في مراحل الصبا والشباب, والصورة السلبية فيه عن الشيخوخة, والذي يتم به تشكيل الأفكار والمعتقدات والاتجاهات والآراء, فإن ذلك يؤدي إلى تدعيم هذه الصورة السلبية، ناهيك عن الدور الحاسم الذي تقوم به وسائل الثقافة والإعلام الحديثة "وخاصة السينما والتليفزيون"، ودور الإعلانات في عصرنا الحاضر, والتي تركز جميعًا على الشباب، بل هي موجهة في جوهرها للشباب.
وقد يكون أكثر العوامل قوةً نقص الخبرات الموجبة مع المسنين, وخاصةً في مرحلة الطفولة, وتؤكد بعض الدراسات الحديثة أنه حين يقضي الطفل بعض الوقت في تعاملٍ مباشرٍ مع المسنين, تتحول انطباعات الأطفال من السلبية إلى الإيجابية, ولعل هذا يدعونا إلى التحسُّرِ على العصر النبيل الذي انقضى حين كان الجد والحفيد يتفاعلان معًا تحت سقفٍ واحدٍ.
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 505