responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 425
العمر، إلّا أن الإنسان لا يشعر بالتحوّل العكسي المفاجئ من التحسن إلى التدهور, فمن المعروف أنه منذ المراحل الأولى لحياة الإنسان تحدث العمليتان معًا, ومن ذلك مثلًا أن الخلايا العصبية لا تتكاثر بعد السنة الأولى من حياة الإنسان, ومعنى ذلك أن عددها لابد أن يتناقص تدريجيًّا. إلّا أنه بسبب الوفرة الهائلة لهذه الخلايا طوال مراحل العمر السابقة فإننا لا نشعر بالفقدان, ويظل هذا الشعور سائدًا حتى نهاية الستينات على الأقل، بل وحتى السبعينات أحيانًا, كما أن أمراض القلب في منتصف العمر ليست إلّا نتاج شروط وظروف تراكمية, وليست نتاج شروط وظروف مفاجئة؛ فبالنسبة للشخص العادي يبدأ نشاط القلب "كما يقاس في حالة الراحة" في الهبوط، ليس في منتصف العمر، وإنما ابتداءً من مطلع العشرينات من العمر بمعدلٍ يبلغ حوالي 1% في السنة، إلّا أن الظاهرة لا تلاحظ بوضوح إلّا في سن الخمسين تقريبًا, وعلى ذلك فإن طور بلوغ الأشد "وسط العمر" ليس نقطة تحوّل حادّة في نموِّ الإنسان الجسمي, وإنما هو ببساطة النقطة التي عندها يبدأ الميزان في الميل تدريجيًّا وبشكلٍ حتميٍّ من التحسن إلى التدهور.
وإذا كانت التغيرات الجسمية التي تظهر في الرشد الأوسط تتوجه نحو التدهور "وهي كذلك لدى بعض الأشخاص في هذا الطور"، فإن مما يستحق الذكر أنها لا تمثل عجزًا وضعفًا في المجتمع الحديث؛ فالقوة الحسية والنشاط العضلي والصحة الجسمية لم تعد مطلوبة وحدها للبقاء في عصرنا, فقليل من المهن والأعمال تتطلب الآن الدقة الحسية أو الاستجابة الحركية السريعة التي كانت مطلوبة في عصور سابقة, بالإضافة إلى أن الخبرة والحكمة والقدرة على الحكم التي تتوافر لدى الشخص في منتصف العمر تعتبر عوامل تعويضية ملائمة تتجاوز أيّ نقص أو تدهور يحدث في الجسم الإنساني.

الصحة والمرض:
من الحقائق المؤكدة منذ وقت طويل، وتدعمت في السنوات الأخيرة، بأن معدل التدهور الجسمي المصاحب للتقدم في السن يتحكم فيه جزئيًّا على الأقل الوراثة, إلّا أن ذلك لا يعني أن التقدم في السن عملية بيولوجية بحتة؛ فكثير من العوامل البيئية تلعب دورها في هذا الصدد, لقد تأكد مثلًا أن وفاة أحد الزوجين، والطلاق، وتغيير العمل أو محل الإقامة, قد تكون خبرات ضاغطة تسرع بالتقدم في السن, أو تزيد القابلية للإصابة ببعض الأمراض, وتظهر الإحصاءات الحيوية دور الكثير من العوامل البيئية في ذلك؛ فالمتزوجون مثلًا وخاصةً الرجال يميلون إلى العيش أطول من أندادهم من غير المتزوجين, ربما بسبب الاستقرار الاجتماعي

اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 425
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست