اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 22
ملاحظات يتفق عليها على أنها تمثل الحقيقة, يجب التعبير عنها منطقيًّا، وهي وحدها التي تقودنا إلى تفسير الأحداث أو السلوك، أي: بالبحث عن أسبابها، وعللها، ومرة أخرى نقول: إن أرسطو كان أول من صاغ معالم هذا الاتجاه المضاد الذي يُسَمَّى الواقعية أو المادية, والذي تتحدد معالمه الأربعة في الطرفية والاختزالية والترابطية والأمبريقية، وهي المعالم التي لعبت دورًا خطيرًا في تطور علم النفس الحديث "هولس وآخران، ترجمة فؤاد أبو حطب، آمال صادق، 1982".
3- طفل إسبرطة:
كانت إسبرطة هي المقابل الحضاري لأثينا, وإذا كانت أثينا "الديمقراطية" قد أنتجت عمالقة للفكر الإنساني؛ مثل: أفلاطون وأرسطو، فإن إسبرطة "الديكتاتورية" لم تنتج فكرًا, وإنما أفرزت ممارسة عملية في تنشئة الطفل يكمن وراءها تصور معين للطبيعة البشرية, وتتلخص هذه الممارسة في أن الطفل عقب ولادته مباشرة يعرض على "مجلس الحكماء", الذي يتولى فحصه لتحديد مدى قوته وصحته وصلاحيته للبقاء في المدينة, فإذا كان الطفل ضعيفًا أو معوقًا يؤخذ إلى البرية ويتترك فيها ليموت "أليس في هذا بذور فكرة البقاء للأصلح التي أشاعتها نظرية التطور في القرن التاسع عشر؟! ", أما الطفل السعيد: فهو الذي يعلن المجلس أنه صحيح. وعندئذ يتعرض لبرنامج من التدريب القاسي لتقويته وتدريبه للمهنة الشاقة, وهي خدمة الدولة العسكرية, وفي هذا التدريب "الذي يشمل حمامات الماء البارد في عز الشتاء الأوروبي" لا يسمح للطفل بالصراخ؛ لأنه علامة على ضعف الخلق, وفي سن السابعة يؤخذ الطفل من منزل أسرته ويعيش في معسكرات عامة, ويتعرض في حياته الجديدة لنظام أكثر مشقة وقسوة.
وحتى يكتسب الطفل صفات النظام والصلابة العقلية, كان قادة هذه المعسكرات يستخدمون أساليب العقاب البدني العنيف والحرمان من الطعام لعدة أيام, وطوال حياة الأطفال في هذه المعسكرات, والتي تستمر لأكثر من عشر سنوات, يغلب على تربيتهم الاهتمام بالجانب الجسمي على حساب النواحي العقلية والوجدانية.
وفي سن الثامنة عشرة وحتى سن العشرين, يتدرب الشاب تدريبًا مباشرًا على العمل العسكري وفنون القتال، ثم يلتحق بصفوف الجيش ويظل فيه لمدة عشر سنوات أخرى, في حياة أكثر خشونة وقسوة, وفي سن الثلاثين يتم الاعتراف للفرد بحقوق المواطنة الكاملة, وعندئذ يمكنه أن يتزوج وأن يسهم في إدارة المدينة.
ولم يعترف الإسبرطيون بالفروق بين الجنسين, إلّا أن تدريب البنات على المهام لم يتطلب التحاقهم بمعسكرت، وإنما كان يتم في ساحات المدينة العامة بإشراف الأمهات, أما الهدف في الالتين فكان واحدًا: إعداد الذكور الأقوياء جسميًّا للدفاع عن الدولة، وإعداد الإناث القويات جسميًّا لإنجاب الأطفال الأقوياء للقيام بنفس المهام.
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق الجزء : 1 صفحة : 22