responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 15
4- النمو عملية فردية:
يتسم النمو الإنساني بأنَّ كل فرد ينمو بطريقته وبمعدله، ومع ذلك فإن الموضوع يخضع للدراسة العلمية المنظمة، فمن المعروف أن البحث العلمي يتناول حالات فردية من أي ظاهرة فيزيائية أو نفسية، ثم يعمم من هذه الحالات إلى الظواهر المماثلة، إلّا أن شرط التعميم العلمي الصحيح أن يكون عدد هذه الحالات عينة ممثلة للأصل الإحصائي الذي تنتسب إليه, وبالطبع فإن هذا التعميم في العلوم الإنسانية يتم بدرجة من الثقة أقل منه في العلوم الطبيعية, وذلك بسبب طبيعة السلوك الإنساني, الذي هو موضوع البحث في الفئة الأولى من هذه العلوم.
والنمو الإنساني -على وجه الخصوص- خبرة فريدة، ولهذا فإن ما يسمى القوانين السلوكية قد لا تطبق على كل فرد بسبب تعقد سلوك الإنسان، وتعقد البيئة التي يعيش فيها، وتعقد التفاعل بينهما, ومن المعلوم في فلسفة العلم أن التعميم لا يقدِّم المعنى الكلي للقانون إذا لم يتضمن معالجة مفصلة لكل حالة من الحالات التي يصدق عليها, ومعنى هذا أن علم نفس النمو له الحق في الوصول إلى قوانينه وتعميماته، إلّا أننا يبقى معنا الحق دائمًا في التعامل مع الإنسان موضع البحث فيه على أنه كائن فريد, ولعلنا بذلك نحقق التوازن بين المنحى الناموسي العام Nomothtic, والمنحى الفردي الخاص Ldiographic، وهو ما لا يكاد يحققه أي فرع آخر من فروع علم النفس.

5- النمو عملية فارقة:
على الرغم من أن كثيرًا من العلومات التي تتناولها بحوث النمو تشتق مما يسمى المعاير السلوكية، إلّا أننا يجب أن نحذر دائمًا من تحويل هذه المعايير إلى قيود, وهذا ما نبَّه إليه نيوجارتن وزملاؤه "Neugartten et al 1965" منذ عام 1965. وهذا التحفظ ضروري وإلّا وقع الناس في خطأ فادحٍ يتمثل في إجبار أنفسهم وإجبار الآخرين على الالتزام بما تحدده هذه المعايير، ويدركونه بالطبع على أنه النمط "المثالي" للنمو, ومعنى ذلك أن ما يؤديه الناس على أنه السلوك المعتاد أو المتوسط، أو ما يؤدى بالفعل، "وهو جوهر المفهوم الأساسي للمعاير" يتحول في هذه الحالة ليصبح ما يجب أن يؤدى, ولعل هذا هو سبب ما يشيع بين الناس من الاعتقاد في وجود أوقات ومواعيد "ملائمة" لكل سلوك.
وهكذا يصبح المعيار العملي البسيط تقليدًا اجتماعيًّا، ويقع الناس أسرى لما يسميه هيوز ونوب "Hughes & Noppe, 1985" بالساعة الاجتماعية؛ بها يحكمون على كل نشاط من الأنشطة العظمى في حياتهم بأنه في "وقته تمامًا" أو أنه "مبكر" أو "متأخر" عنه, يصدق هذا على دخوله المدرسة أو إنهاء الدراسة أو الالتحاق بالعمل أو الزواج أو التقاعد, ما دام لكل ذلك معاييره, فحينما ينتهي الفرد من تعليمه الجامعيّ مثلًا في سن الثلاثين, فإنه يوصف "بالتأخير" حسب الساعة الاجتماعية، بينما إنجازه في سن السابعة عشرة يجعله "مبكرًا".

اسم الکتاب : نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين المؤلف : آمال صادق    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست