responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 74
"والسبب في ذلك أن تعليم العلوم -كما قدمناه- من جملة الصنائع. وقد كنا قدمنا أن الصنائع إنما تكثر في الأمصار، وعلى نسبة عمرانها في الكثرة والقلة والحضارة والترف تكون نسبة الصنائع في الجودة والكثرة؛ لأنه أمر زائد على المعاش. فمتى فضلت أعمال أهل العمران عن معاشهم انصرفت إلى ما وراء المعاش من التصرف في خاصية الإنسان, وهي العلوم والصنائع"[1].
4- تأثرت كتابات ابن خلدون بمفهومه عن الأخلاق, وخاصة تلك التي تناول فيها الشروط اللازمة لتحقيق تماسك العصبية, واستقرار نظام الحكم. فرغم أنه شرح كيف أن نظام الملك يمكن أن ينشأ على أساس زمني وبتدعيم قوة العصبية فقط, فإنه أكد أن مثل هذا الملك لا يمكن استمراره إذا تخلى عن الفضائل السياسية والقيم الأخلاقية. وتمشيا مع تفسيره المادي لعناصر العمران الأخرى, فإنه لاحظ أن التغير الذي حدث في مجتمع بدائي بالتحول من حياة البساطة إلى نوع آخر من الحياة الحضرية المرفهة لا يقل تأثيرا على أخلاقيات الجماعة. فالانتقال إلى المدن والمعيشة في أمان وراء الأسوار التي تحرسها الحامية يضعف الصفات الطبيعية للجماعة مثل: الشجاعة والخشونة والاعتماد على النفس, وتخليهم عن حياتهم البسيطة الأولى يميل بهم إلى التخلق بعادات وطباع جديدة تتلاءم مع ظروف الحياة السهلة, والإفراط في الرفاهية التي تولد الرذيلة.
"وبالعكس من ذلك إذا تأذن الله بانقراض الملك من أمة, حملهم على ارتكاب المذمومات.. فتفقد الفضائل السياسية منهم جملة, ولا تزال في انتقاص إلى أن يخرج الملك من أيديهم". و"أهل الحضر لكثرة ما يعانون من فنون الملاذ وعوائد الترف.. فقد تلوثت أنفسهم بكثير من مذمومات الخلق والشر.. وأهل البدو, وإن كانوا مقبلين على الدنيا مثلهم, إلا أنه في المقدار الضروري لا في الترف ولا في

[1] المرجع السابق، صفحتا 990، 991.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست