responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 53
لم يكن كل هذا يعني الاقتصار على التجربة على حساب العقل, وإنما اهتم منهج البحث الإسلامي بأية أداة يمكن أن توصل إلى المعرفة الحقة مع تحري العدل والبعد عن الهوى. ونظرا للمكانة الخاصة التي يحتلها العقل في المفهوم الإسلامي, أحاطه العلماء بضمانات حتى لا يأخذ كل شيء على عواهنه, وقد برز في هذا المجال الفيلسوف العربي الغزالي الذي سبق الفيلسوف الفرنسي ديكارت في اعتماد الشك كوسيلة للتوصل إلى الحقيقة. يقول الغزالي: "فمن لم يشكّ لم ينظر, ومن لم ينظر لم يبصر, ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال"[1].
أما في مجال العلوم الاجتماعية, فتكفي الإشارة إلى إنجازات ابن حزم والغزالي وابن تيمية والبيروني وابن خلدون. وسندرس في المبحث الثالث منهج ابن خلدون كمثال على تأثر مفكري العلوم الاجتماعية المسلمين بمنهج البحث الإسلامي، وإن كان ابن خلدون قد أثرى ذلك المنهج وخاصة في اكتشافه للعلاقة الديناميكية بين الأسباب والنتائج عند ملاحظته للصراع بين القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ونظرا للمغزى الهام الذي تمثله كتاباته في المقدمة بالنسبة لمناهج البحث في السياسة -وهي موضوع دراستنا- خصصنا له ذلك المبحث المستقل.
وأخيرا يمكن القول بأن منهج البحث الإسلامي لم يهتم فقط بالتركيز على بعض الخطوات المنهجية الرئيسية مثل: جمع المعلومات الحسية لمشاهدتها تمهيدا لدراستها، واعتماد الشك كأسلوب يوصل إلى اليقين، والحكم القائم على الدليل والبرهان, وإنما تعدى ذلك إلى إرساء قواعد ما يمكن أن يسمى بآداب البحث العلمي التي تعد مكملة لنظرة الإسلام الشاملة لمتطلبات الإنسان المادية

[1] أنور الجندي، مقدمات المناهج "العودة إلى منابع الفكر الإسلامي الأصيل"، القاهرة 1977، ص8.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 53
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست