responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 49
ويدلل أحد مفكري الإسلام المعاصرين[1] على أن هذه الأسباب على وجاهتها ليست الوحيدة لنبذ علماء المسلمين للمنطق الأرسطي؛ لأنها -على أي حال- لا تعدو كونها الجوانب السلبية التي اكتشفوها فيه فاستندوا إليها في هدمه. أما العلة الحقيقية لتركهم إياه فتتجلى في رأيه في الجانب الإنشائي لنقدهم الذي تمثل في المنهج التجريبي أو الاستقرائي السابق الإشارة إليه أي: الذي يقوم على التجربة وتنظمه قوانين الاستقراء. مثل هذا المنهج التجريبي هو المعبر عن روح الإسلام ليس كمذهب وجودي أو فلسفي, وإنما كوضع من أوضاع الحياة العملية التي تنكر النظر, والفكر المجردين.
من هذا يتضح خطأ من ظنوا أن مفكري المسلمين عامة اعتمدوا على منطق أرسطو. فمن المعلوم أن هذا الأخير كان يقوم على المنهج القياسي المعبر عن روح الحضارة اليونانية التي تستند إلى النظر الفلسفي والفكري, والتي لم تعترف بالتجربة, وهي بذلك تختلف عن روح الحضارة الإسلامية.
ويمكن القول: إن توصل مفكري الإسلام إلى منهج الاستقراء جاء نتيجة معاناة وتجربة, اكتشفوا على أثرهما -وبشكل علمي- عقم المنهج اليوناني القائم على القياس الصوري "أي: الشكلي". لقد كان هذا القياس -كما ذكرنا- قرين مرحلة مبكرة من التطور البشري, وبالتالي كان محدود الفائدة فيما أعقب ذلك من عصور؛ إذ كان يبدأ بمقدمات عامة, وينتهي إلى نتائج جزئية. كان هدفه إذًا إقامة البرهان على حقيقة معلومة وليس الكشف عن حقيقة جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن كلا من الطرفين استخدم كلمة قياس بأسلوب مغاير؛ فالقياس لدى أرسطو يشير إلى حركة فكرية ينتقل فيها العقل من حكم كلي إلى أحكام جزئية, أو من حكم عام إلى حكم خاص بواسطة الحد الثالث, على

[1] علي سامي النشار، مناهج البحث عند مفكري الإسلام "ونقد المسلمين للمنطق الأرسططاليسي"، القاهرة 1947، ص240، 241، 243.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع    الجزء : 1  صفحة : 49
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست