اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 273
الفصل الحادي عشر: تطور المنهج الجدلي
المبحث الأول: المنهج الجدلي المثالي
يعود الفضل لفلاسفة اليونان في وضع الخطوط الأولى للجدل؛ فقد كانوا يستخدمون هذه الكلمة لتدل على فن المناقشة واستخلاص الحقيقة بكشف التناقضات في حجج الخصم وإيجاد الحلول لها, ثم استخدم الاصطلاح فيما بعد ليدل على منهج إدراك الحقيقة. وفي الواقع كان الإغريق ينظرون إلى الطبيعة ككل, وكان هرقليطس يعلم الناس أن هذا الكل يتغير, وذلك بقوله: نحن لا ننزل في نفس النهر أبدا.
كذلك يحتل صراع الأضداد مركزا ممتازا لدى فلاسفة اليونان, وخاصة أفلاطون الذي ركز الاهتمام على خصوبة ذلك الصراع, فالأضداد في رأيهم تتوالد بعضها عن بعض. حتى كلمة ديالكتيك "جدل" نفسها مشتقة مباشرة من الكلمة اليونانية ديالجين أي: يجادل، فهي إذًا تعبر عن الصراع بين الأفكار المتعارضة. بالمثل هناك أمثلة أخرى للاستدلال الجدلي لدى أعظم الفلاسفة نفوذا في العصر الحديث, وخاصة ديكارت وسبينوزا[1]. [1] المرجع السابق، ص33، 34,
V. Afanasyev, Marxist Philosophy, op. cit., p. 14, F. Engels, Anti-Duhring, op. cit., pp. 462, 463,
على العكس من ذلك, قد نجد مفكرين منتمين إلى الماركسية فعلا ومع ذلك يفتقرون إلى فهم المنهج الجدلي جيدا. وقد وجه لينين نقدا بهذا المعنى إلى الأيديولوجي البارز بوخارين, متهما إياه بأنه لم يستوعب الجدلية أبدا. وقد أيد هذه النتيجة أحد الباحثين الغربيين في دراسة مقارنة بين هذين المفكرين, وانتهى إلى اعتبار بوخارين مفكرا ليبراليا. انظر:
Richard B. Day, "Dialectical Method in the Political Writings of Lenin and Bukharin" in: Canadian Journal of Political Science, June 1976, IX: 2, pp. 244ff.
اسم الکتاب : مناهج البحث في العلوم السياسية المؤلف : محمد محمود ربيع الجزء : 1 صفحة : 273